مؤرخ مصري يكشف رسائل قديمة لزوجة أحد قادة الحملة الفرنسية
روى مؤرخ مصري في محاضرة ألقاها في بيت السناري بالقاهرة القديمة كيفية العثور على أربع رسائل كتبتها زبيدة البواب زوجة جاك-فرانسوا دي مينو أحد قادة الحملة الفرنسية على مصر قبل أكثر من مئتي عام.
وقال المؤرخ ناصر أحمد إبراهيم سليمان أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر في جامعة قطر «وصلت إلى الرسائل خلال عملية بحث في أرشيف الحملة الفرنسية على الشرق في أثناء إقامتي في فرنسا قبل خمس سنوات»، وفق وكالة أنباء العالم العربي.
أستاذ جامعي يكشف عن تاريخ عمره مئتي عام
وأضاف إبراهيم، وهو أستاذ أيضا في التاريخ بجامعة القاهرة، خلال المحاضرة الليلة الماضية «تحيط الرسائل بظروف زواج زبيدة من مينو، وتظهر مظاهر نفوذها وتأثيرها الكبير على قرارات الجنرال»، مشيرا إلى أنه بصدد إعدادها للنشر في كتاب يصدر نهاية العام الحالي.
وتابع قائلا «زبيدة لم تترك لا هي ولا مينو أي نوع من اليوميات والمذكرات الخاصة، ومن هنا فإن رسائلها تمنحها حياة ثانية، يمكن معها أن تُطلق صوتها من جديد، والذي عبرت من خلاله عن مواقفها».
واعتبر أن هذه الدراسة تساعد على بناء ما أسماه «مونوغرافية» تاريخية حول تفاصيل صغيرة مجهولة «لعلها تعطي زخما جديدا لقصتها التي لم تستقر ملامحها في الذاكرة التاريخية ولم تُكتب فصولها الكاملة بعد».
وتولى دي مينو قيادة القوات الفرنسية في مصر بعد مقتل القائد السابق جان كليبر، وبعد فشل الحملة الفرنسية عاد دي مينو مع زوجته زبيدة إلى فرنسا قبل وفاته في إيطاليا عام 1810.
محاضر بعنوان كيف نؤرخ للصوت
قدم إبراهيم المحاضرة تحت عنوان «كيف نؤرخ للصوت؟ قراءة في خطابات السيدة زبيدة إلى الجنرال مينو»، وحضرها جمهور كبير من بينهم الروائية أهداف سويف وأحمد الشربيني رئيس الجمعية التاريخية في مصر.
وقال «تستهدف المحاضرة رسم صورة شخصية زبيدة من خلال العودة لمصادر تاريخية عاصرتها»، معتبرا أن السرديات الشائعة حولها غير دقيقة وأغلبها مستمد من رواية (غادة رشيد) للشاعر علي الجارم التي ظلت لسنوات ضمن المقررات الدراسية في مصر.
وأشار إبراهيم إلى أن ما ورد في الرواية غير دقيق ولا يطابق الأحداث التاريخية، لكنه مستمد من رؤية تخيلية لشاعر أراد أن يكتب رواية بغرض تمجيد فعل المقاومة الوطنية، وقال إن الجارم نظر إلى زبيدة بوصفها صوت مقاوم لوجود الفرنسيين في مصر «لكن الحقيقة التاريخية غير ذلك».
وتختلف روايات المؤرخين حول عائلة زبيدة وظروف زواجها من دي مينو، فهي ابنة تاجر من مدينة رشيد شرقي الإسكندرية، وقبل زواجها من الجنرال الفرنسي كانت زوجة أحد المماليك الأثرياء وهو سليم أغا نعمة الله لكنها طلقت منه بعد عام واحد.
وذكر أستاذ التاريخ الحديث أن عائلة زبيدة اشترطت أن يشهر دي مينو إسلامه لكي يتزوجها، كما اشترطت عقد الزواج في وثيقة بمحكمة رشيد الشرعية عام 1799، وتضمنت الوثيقة اعتناق الجنرال للإسلام وتحول اسمه إلى عبد الله مينو.
وعرض إبراهيم رسالة وصف فيها مينو جمال زبيدة لأحد أصدقائه قائلا «زوجتي طويلة القامة، حسنة الصورة من جميع الوجوه، لها عينان رائعتان، ولون بشرتها هو اللون المصري المألوف، وشعرها طويل فاحم».
وأوضح إبراهيم قائلا إن رسائل زبيدة الأربع التي عثر عليها أملتها على كاتب خاص هو حسين الميقاتي، الذي كان شاهدا هو نفسه على عقد زواجها من دي مينو.
وقال «الخطابات كتبت خلال ستة أيام فقط وتكشف عن أزمة زبيدة مع مجتمع رشيد الذين تندروا على زواجها من رجل غير مسلم من وجهة نظرهم، لكنها تشير أيضا إلى نجاحها في إدارة هذه الأزمة».
وأكد أن الخطابات تنقل صوت زبيدة من خلال وسيط هو كاتب الخطاب الملزم أخلاقيا بما تمليه عليه، كما تعكس أيضا الصوت الذاتي لزبيدة ووعيها باعتبارها امرأة شرقية.
أقرا المزيد:
الكويت تجدد دعوتها لإصلاح مجلس الأمن