هل يتكرر الخلل المعلوماتي العالميّ؟ خبير تقني يوضح
اعتبر رولاند أبي نجم، مستشار أمن المعلومات والتحول الرقمي، أنّ الخلل التقنيّ العالميّ الذي أدى إلى تعطل العمل في مطارات وخدمات شركات مالية كبرى وشركات طيران واتصالات وبورصات في عدّة بلدان حول العالم، من بين أسبابه ما وصفه باحتكار شركات عالمية أنظمة تكنولوجية بعينها.
ونقلت وكالة أنباء العالم العربي عن أبي نجم القول إن هناك سببين لما حدث، أولهما وجود «احتكار لفترة طويلة للولايات المتحدة الأميركيّة، حتى إن الاتحاد الأوروبي الأوروبي يجرب محاولة هذا الاحتكار. هناك أربع أو خمس شركات عالمية تسيطر على كلّ شيء في هذا الموضوع ولا توجد حلول بديلة، وهنا لدينا إشكالية كبيرة جدا».
أضاف «النقطة الثانية هي أن لدينا إشكالية في أن الحاجة في موضوع التحول الرقمي وخدماته كبيرة جدا، لدينا المليارات من البشر يحتاجون لهذه الخدمات، وكل يوم هناك تطور لخدمات جديدة. فكلما تكون بحاجة لتطوير الخدمات أو ترقيتها، تكون بحاجة إلى عمل تحديث للأنظمة».
وتابع «في الوقت ذاته، هناك بالفعل مخاطر الأمن السيبراني التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، هذا الشيء من ثم يُمكن أن يؤدّي إلى أخطاء بشرية خلال التحديث أو الترقية».
ويرى أبي نجم أن هذا الخلل من الممكن أن يتكرر في المستقبل وأن هناك «احتمالية كبيرة» لذلك بسبب وجود العامل البشري، وقال إن «المبرمجين هم بشر وكل من يحضّرون جميع الخوادم (يحدّدون أسلوب عملها) هم بشر، ومن ثم، فإن المخاطر ستظل موجودة وستظل في المستقبل».
مخاطر واسعة النطاق لعطل التنقي
وحول مخاطر تكرار مثل هذا الخلل، قال أبي نجم إن «كلّ شيء في حياتنا اليوميّة أصبح يعتمد بشكل كليّ على التكنولوجيا وعلى الخوادم وعلى التقنيات وعلى الشركات، بهذا الإطار، رأينا حتى مستشفيات قد تعطّلت، ومن الممكن أن يكون هناك مرضى قد واجهوا حالات صعبة أو تكون هناك حالات وفاة».
أضاف «بالنسبة للطيران أيضا من الممكن أن تقع حوادث طيران أو مشاكل طيران وغير ذلك.. .في كل القطاعات في العالم، هذا الموضوع (التكنولوجيا) أصبح جزءا منها بشكل كبير، ومن الممكن أيضا أن تحدث مشاكل أكبر».
وحول إمكانية حدوث اختراقات قد تتسبب في تكرر هذا الخلل، قال أبي نجم إن «الخطر دائما موجود، إذا كان بالأمن السيبراني، لا يوجد شيء آمنا بنسبة مئة في المئة، أو إن كان بموضوع الأخطاء البشرية والأخطاء التقنيّة، فإنها هي الأخرى واردة في كلّ لحظة».
لكنه اعتبر الدول الأقل تقدما أقل عرضة أيضا لمثل هذه الحوادث، قائلا إن «الإشكاليّة التي حدثت طالت فقط من لديهم أجهزة وبرامج (تعتمد على مشغّلات) مايكروسوفت مع (نظام الأمن السيبراني) كراود سترايك، رأينا دولا مثل روسيا قالت إنها لم تواجه مشاكل لأنّها لا تستخدم تلك التقنيات».
أضاف «بالنسبة لدول العالم الثالث، فهي أصلا ليست لديها هذه التقنيات وخدمات كبيرة جدا مثل كراود سترايك وغيرها، هي عندها تقنيات أقل في هذا الموضوع، وهذا الشيء في تقديري يجعل المخترقين مفتقدين الدافع لاختراق تلك الدول، هم (المخترقون أو القراصنة) يفضّلون اختراق شركات كبيرة جدا ودولا كبرى».
ليست المرّة الأولى لحدوث خلل تقني عالمي
من جانبه، أوضح خبير تكنولوجيا الاتصالات عبد الغني كاتايا أنّ هذه ليست المرّة الأولى التي يحدث فيها مثل هذا الخلل، ولم يستبعد أيضا أن تتكرّر حوادث مماثلة في المستقبل.
وقال لوكالة أنباء العالم العربي «حدث هذا من قبل.. .إذا نتذكر، قبل بضع سنين كان هناك توقف مفاجئ لخدمات فيسبوك في كل العالم، في ذلك الوقت، قالوا إنهم كانوا يُجرون تحديثا وحدث خلل في هذا التحديث أدّى إلى توقّف الخوادم».
أضاف «هذا يُظهر لنا مدى خطورة أن الكثيرين يعتمدون على برنامج تشغيل واحد أو على منظومة واحدة للأمن السيبراني، فإذا تعرضت تلك المنظومة لخلل ما، ينتشر هذا الخلل في كلّ البلدان. وهذا الشيء كانت الصين وروسيا تفاخران بأنهما لم يحدث لديهم أي خلل».
وتابع «هما أصلا (روسيا والصين) لا تعتمدان على الحماية السيبرانيّة الأميركيّة، لأنهما تعتبرانها أمنا قوميّا.. .قبل بضعة شهور، كانت الولايات المتحدّة تقول إنها تريد حظر عمل شركة كاسبرسكي، لأنهم أيضا يعتبرونها تُسرّب بيانات، وهذا شيء يتعلّق بالأمن القوميّ وأمن البيانات».
وعن اعتبار هذا الخلل من مخاطر الاحتكار، قال كاتايا إن «هذا طبيعي، ما يحدث في مجال التكنولوجيا واسع ولا حدود له. فعندما تنجح شركة في شيء ما، تجد أنّ الشركات الكبرى تستعين بها وبخدماتها وينتشر هذا الشيء عالميّا».
لكنّه اعتبر أن هناك عوامل يُمكن أن تلجأ إليها شركات التكنولوجيا تلك للحدّ من المخاطر، من بينها «دراسة هذه التحديثات في الشركة قبل إطلاقها، وإدخالها إلى عدد محدد من الأجهزة قبل إطلاقها على جميع الأجهزة، وأيضا تجربة إخضاعها لاختبارات بشكل كبير».
وحذّر من أنه عند حدوث أي خلل أو عطل كهذا «فإنّ المهاجمين (القراصنة) يستغلون فترة حدوث العطل ويضاعفون الهجمات على الأجهزة التي أصابها الخلل أو أصابها العطل. هم يعتبرون أنّ العطل الذي حدث من الممكن أن يساعدهم في خلق ثغرات جديدة.. .هذا أحد المخاطر».
أقرا المزيد:
في ذكرى أول «حفلات الست».. كاتب لبناني يعيد نشر كتاب ينتقد أم كلثوم
«خليجيون»| ما مصير مخرجات اجتماع الفرقاء الليبيين في القاهرة؟