خاص| وزير بحريني سابق: المشاريع الإصلاحية لحكام الخليج أمام «خطرين»
يحذر المفكر البحريني الدكتور علي محمد فخرو من محاولات غربية لدفع مشاريع الإصلاح الاقتصادي التي يقودها حكام منطقة الخليج منذ سنوات إلى «نموذج اقتصادي خدمي ترفيهي»، مشيرا إلى ضرورة تحول اقتصاد المنطقة إلى «نمط معرفي من أجل إخراج اقتصاد المنطقة من تحت مظلة النفط والغاز، والوصول إلى تنويع اقتصادي»، ومنبها إلى خطورة التوصيات التي تضعها شركات استشارية أميركية لهيكلة الاقتصادات الخليجية.
وتبنت دول مجلس التعاون الخليجي خلال السنوات القليلة الماضية، رؤى اقتصادية لإعادة ترتيب أولوياتها بالبحث عن مصادر دخل بديلة عن الاعتماد على الاقتصاد النفطي، في دول تحتل المرتبة الأولى عالمياً في إنتاج النفط الخام، وفي احتياطي هذا النفط كما في احتياطي الغاز الطبيعي، وفي المرتبة الثانية عالمياً في فائض الميزان التجاري.
مشاريع إصلاحية خليجية منذ عقود
لكن الدكتور علي محمد فخرو يقول في اتصال هاتفي مطول مع «خليجيون» إن «رؤي تنويع الاقتصاد الخليجي طرحتها قبل 45 عاما لجنة تابعة لمجلس التعاون، وكنت عضوا فيها آنذاك إلى جانب مجموعة من الوزراء المعنيين وبعض المفكرين الاقتصاديين الخليجيين».
ويتابع الوزير البحريني السابق في حوار مع «خليجيون»: «آنذاك كانت الإجابات واضحة تماما وهي من الضروري الخروج من الاقتصادي الريعي المعتمد أساسا على النفط والغاز إلى الاقتصاد الإنتاجي والمتنوع وبالتالي يختلف تمام عما سار عليه الخليج في سنوات النفط، ولم تأخذ دول الخليج بتلك المقترحات حينها».
ويعبر فخرو عن الارتياح «لإعادة طرح نفس المسار مجددا من قبل الحكومات الخليجية»، ويقول «ذلك أمر حسن ويحسب لها»، لكنه يستدرك: «ليس المهم فقط القول (إننا نريد بناء اقتصادا مختلف عما سبق)، بل من الضروري بناء اقتصاد إنتاجي».
لكم المفكر البحريني يتساءل: «من أي منطلقات اقتصادية ننطلق؟ هل نريد الانطلاق من الفكر العولمي النيوليبرالي الرأسمالي المتوحش الذي تسيطر عليه بعض الدول الغربية بالذات، والتي لا تريد للعالم أن يتجه لأي نوع آخر من الاقتصاد؟ أم نريد أن نبني اقتصادا ذاتيا مستقلا معتمدا على الذات في الأساس ومتعاون مع الآخرين بندية وعلى نحو تضامني تعاوني؟».
وتشمل رؤية «السعودية 2030» التي طرحها ولي العهد السعودي في العام 2016 رؤية للتنوع الاقتصادي ويشترك في تحقيقها كل من القطاع العام والخاص وغير الربحي، لكن الرياض بدأت مؤخرا في إجراء مراجعة لمشاريعها الكبرى، وتعيد ترتيب أولويات الإنفاق، وتحويل الأموال وتعديل الميزانيات.
ما مصير دولة الرعاية الاجتماعية؟
غير أن المفكر البحريني د.علي فخرو يحذر من «شركات الهيكلة العالمية التي تصيغ خطط الانتقال من الاقتصاد السابق إلى الجديد»، وتساءل «ماذا تفعل هذه الشركات إلا أنها تقدم الخطط نفسها التي يختارها الغرب»، منتقدا الدعوة إلى الخروج الكامل مما أسماه «دولة الرعاية الاجتماعية، وعدم مسؤولية الحكومات عن التعليم أو الصحة أو البطالة، تحت دعوى الانتهاء من الاقتصاد الهزيل والغير منتج والغير معتمد على الذات».
ويعيد التذكير بـ«أن الشركات الاستشارية حالما تضع الخطط تصر على خصخصة الخدمات العامة وتصر على الإبقاء على الفوارق الكبيرة بين الأغنياء من جهة والفقراء من جهة آخري، ما يقود من إضعاف الطبقة الوسطى في الخليج».
وحسب دراسة لمركز الخليج لدراسات التنمية فقد أنفقت المملكة العربية السعودية وحدها أكثر من مليار دولار على مستشارين تابعين لشركة الاستشارات العالمية «ماكينزي» في عام 2015 لوضع خطط هيكلة الاقتصاد، وكانت مدينة أبو ظبي، هي المدينة التالية التي صممت لها ماكينزي رؤية اقتصادية 2030.
التخلي عن السيطرة الأميركية
وعلى نحو أوسع يشدد فخرو على «ضرورة وضع هذه الأمور لإجابة على سؤال بالغ الأهمية (هل نحن سنبقى تابعين للغرب الاقتصادي أم نريد أن نكون الأحرار؟)، مطالبا «بتنسيق تضامني مع بقية الدول العربية غير النفطية أو الغازية والتعامل مع الكتل الاقتصادي الجديدة الغير خاضعة للهيمنة الغربية».
وينصح المفكر البحريني دول الخليج بالانتقال إلى «نموذج اقتصاد معرفي ووطني وقوي ومستقل ولا يخضع لأية قرارات خارجية، وعند ذاك نحن سنستغل الإمكانيات النفطية على نحو أمثل» على حد قوله.
وفي حين لا يميل وزير التعليم البحريني الأسبق إلى التشكيك في النوايا حيال هذه المشاريع الإصلاحية، إلا أنه يقول «الموضوع ليس نوايا حسنة لأن البعض يتجه من الانتقال إلى الاقتصاد الريعي إلى اقتصاد خدمي ترفيهي وليس معرفيا مع المبالغة في ذلك، إذ يحاولون استقطاب الشعوب إلى الخليج لتقديم خدمات ترفيهية».
وينبه إلى أن «فترة النفط محدودة وتتقلص شيئا فشيا»، مضيفا: «علينا الانتقال إلى اقتصاد يقود نحو تنمية مستدامة لا اقتصاد ينتقل من أزمة إلى أزمة.. ويتأثر بأية نوبة سعال تضرب الاقتصاد الأميركي أو الأوروبي ونحن تابعين لهم بصورة دائمة»، موضحا أن «المنطلقات الأساسية هي التي ستطمئن الناس إن كنا نريد الانتقال إلى طرق صحيحة أو طرف تجريبية قد تنجح أو تفشل».
علي محمد فخرو.. إطلالة
- باحث ومفكر بحريني، شغل العديد من المناصب ومنها منصبي وزير الصحة بمملكة البحرين في الفترة من 1971 إلى 1982، ووزير التربية والتعليم في الفترة من 1982 إلى 1995.
- حاصل على شهادة المجلس الأميركي للطب الداخلي عام 1965.
- تقلد العديد من المناصب الدبلومسية من بينها سفيرا لمملكة البحرين في فرنسا، بلجيكا، اسبانيا، وسويسرا، ولدي اليونسكو.
كما ترأس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات والبحوث1982- 1995.
- رئيس جمعية الهلال الأحمر البحريني سابقا، وعضو سابق المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة العرب، وعضو سابق للمكتب التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية.
- عضو مجلس أمناء مؤسسة دراسات الوحدة العربية، وعضو مجلس أمناء مؤسسة دراسات فلسطينية. وعضو مجلس إدارة جائزة الصحافة العربية المكتوبة والمرئية في دبييشغل.
- عضو اللجنة الاستشارية للشرق الأوسط بالبنك الدولي، وعضو في لجنة الخبراء لليونسكو حول التربية للجميع، عضو في مجلس أمناء الجامعة العربية المفتوحة، ورئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات والبحوث.
اقرأ المزيد
وفاة أحمد فرحات أشهر طفل في السينما المصرية