البطالة والفساد.. ثنائي الأزمات يطارد الولاية الثانية لرئيس موريتانيا
قبل أيام من تنصيبه لولاية ثانية، يواجه الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني تحديات كبيرة وملفات معقدة تتطلب حلولا سريعة، على رأسها مكافحة البطالة ومحاربة الفساد وتنويع الاقتصاد.
وفاز ولد الشيخ الغزواني بفترة رئاسية ثانية بعد حصوله على 56.12% من الأصوات في الانتخابات التي جرت في أواخر الشهر الماضي، والتي كان قد تعهد فيها بمحاربة الفساد، وبجعل ولايته الثانية "مأمورية للشباب"، وهو ما يتطلب منه إيجاد حلول جذرية لخلق فرص عمل جديدة وامتصاص البطالة.
وتعهد الرئيس الموريتاني أيضا بتكثيف الجهود لتنويع الاقتصاد الوطني من خلال التركيز على القطاعات التي تتمتع موريتانيا بميزات تفضيلية فيها، مثل الزراعة والتنمية الحيوانية والصيد والمعادن والطاقة.
وشهدت موريتانيا في السنوات الأخيرة موجة هجرة غير مسبوقة إلى الولايات المتحدة بحثا عن فرص عمل، الأمر الذي اعتبره خبراء يعكس استياء الشباب من الأوضاع الاقتصادية في البلاد.
وقال الصحفي حسام حسن خلف إن إطلاق ولد الشيخ الغزواني على ولايته الجديدة «مأمورية الشباب» لم يأت من فراغ، وإنما جاء بناء على قناعة راسخة بأن موريتانيا تواجه أزمة كبيرة تتمثل في هجرة الشباب إلى الولايات المتحدة نتيجة سوء الأوضاع الاقتصادية وانتشار البطالة.
وأضاف خلف لوكالة أنباء العالم العربي أن أكبر تحدٍ يواجه الرئيس هو كبح هذه الموجة وخلق فرص عمل وإشراك الشباب في التنمية الاقتصادية. وأوضح الصحفي قائلا إن «نظرة سريعة على المشهد تظهر أن أغلب من يتقلد المناصب في البلاد هم ممن تجاوزوا سن الخمسين، ما يعكس تهميشا واضحا للشباب».
وتابع «يجب على ولد الشيخ الغزواني العمل على إشراك الشباب في مناصب قيادية لضمان تجديد الدماء وتحقيق التنمية المستدامة».
تنويع الاقتصاد ومحاربة الفساد
وفيما يتعلق بتنويع الاقتصاد، قال الأستاذ الجامعي اسلكو ولد محمد إن التحدي الرئيسي يكمن في تحقيق تنويع اقتصادي حقيقي ومستدام، مشددا على أن «التركيز على قطاعات مثل الزراعة والتنمية الحيوانية والصيد والمعادن والطاقة توجه صحيح، لكنه يتطلب استراتيجيات واضحة ومحددة».
وأضاف ولد محمد لوكالة أنباء العالم العربي أن الزراعة تعتبر أحد القطاعات التي تمتلك فيها موريتانيا ميزة تفضيلية، ولكن لتحقيق الاكتفاء الذاتي في المحاصيل الأساسية يجب على الحكومة الاستثمار في تحسين البنية التحتية الزراعية، وتوفير الموارد اللازمة للمزارعين من خلال الدعم المالي والتقني، وهذا يتطلب تخطيطا طويل الأمد وجهودا منسقة.
وذكر أيضا أن التأسيس لصناعات وطنية لتحل محل الواردات الأساسية يمكن أن يكون له تأثير إيجابي كبير على الاقتصاد المحلي.
وأشار إلى أن مثل هذه الصناعات التي لا تتطلب تكنولوجيا معقدة أو رأس مال كبيرا، يمكن أن تساهم في خلق آلاف من فرص العمل وتقليل الاعتماد على الواردات، داعيا إلى توفير بيئة استثمارية جاذبة، تتضمن حوافز ضريبية وتسهيلات مالية للمستثمرين من أجل تحقيق ذلك.
محاربة الفساد
وإلى جانب القضايا الاقتصادية، تظل ملفات تعزيز الشفافية ومحاربة الفساد على رأس التحديات الرئيسية التي يجد ولد الشيخ الغزواني نفسه في مواجهتها في ولايته الجديدة.
وتعهد الرئيس الموريتاني بشن حرب على الفساد، بدون تهاون وعدم التغاضي عن أي متورط في عمليات فساد، كما تعهد بإنشاء وكالة متخصصة لمكافحة الرشوة والفساد الذي اعتبر أنه يعرقل التنمية.
وقال الصحفي حسام خلف إن وعود ولد الشيخ الغزواني خلال حملته الانتخابية بمكافحة الفساد «تتطلب تنفيذ إصلاحات قانونية وإدارية جذرية». وأضاف أن الإرادة السياسية القوية ودعم الهيئات الرقابية وتحسين نظم الشفافية والمساءلة «كلها عناصر أساسية في معركة مكافحة الفساد».
ويضيف أن ولد الشيخ الغزواني مطالب تنفيذ إصلاحات جذرية تشمل تعزيز الإطار القانوني، حيث يتطلب الأمر تطوير القوانين المتعلقة بمكافحة الفساد وضمان تطبيقها بشكل صارم وشفاف.
ويشير خلف إلى أن المؤسسات الرقابية تحتاج إلى دعم وتعزيز استقلاليتها لضمان قيامها بدورها بشكل فعال، مشددا على أن تحسين نظم الشفافية في المعاملات الحكومية وتفعيل آليات المساءلة لمكافحة الفساد على جميع المستويات أمر ضروري.
اقرأ المزيد
تراجع الخام عالميا.. ما سعر برميل النفط في الكويت؟