كيانات غير مرخصة تهدد التعليم في مصر
مع اقتراب بدء التحاق الطلاب بالجامعات، تنشط العديد من المعاهد التعليمية غير المعتمدة من المجلس الأعلى للجامعات، أو ما يطلق عليها (الكيانات الوهمية)، لاستقطاب الطلاب عبر نشر إعلانات تسويقية لإغرائهم وإيهامهم بأنها تمنحهم شهادات معتمدة من المجلس في مجالات تخصصاتهم. حسبما نشرت وكالة أنباء العالم العربي
وتبذل وزارة التعليم العالي جهودا كبيرة للتصدي لهذه الظاهرة، ولم يكد يمر أسبوع إلا وتعلن الوزارة عن «إغلاق أحد هذه الكيانات وتحذر من خطورة الانضمام إليها، لكن عادة ما تغير هذه الكيانات مكانها وتبدأ في ممارسة نشاطها من جديد».
وتعتمد الكيانات الوهمية على «جذب الطلاب الذين لم يحصلوا على درجات كافية تمكنهم من الالتحاق بالجامعات الحكومية ولا يملكون أموالا كافية للالتحاق بالجامعات الخاصة»، لكن بعد انتهاء سنوات الدراسة يكتشف هؤلاء الطلاب «تعرضهم للاحتيال وأن شهاداتهم غير معتمدة وعليهم بدء الدراسة من جديد».
قائمة سوداء
وفي إطار الاستعداد لبدء تنسيق القبول بالجامعات والمعاهد للعام الدراسي الجديد، وجه وزير التعليم العالي والبحث العلمي أيمن عاشور «بإعداد قائمة سوداء بأسماء تلك الكيانات التي تدعي أنها معتمدة وتزعم منح شهادات معتمدة بدون الحصول على التراخيص اللازمة لذلك، وإعلان هذه القائمة للطلاب وأولياء الأمور»، بحسب بيان أصدرته الوزارة.
ونقلت الوكالة عن المتحدث باسم وزارة التعليم العالي عادل عبد الغفار قوله إن «وزارته شكلت لجان ضبطية قضائية بالتعاون مع وزارة العدل لمواجهة الكيانات الوهمية وإغلاقها لحماية الطلاب من الالتحاق بها وتعرضهم للنصب».
وأضاف عبد الغفار «الأزمة تكمن في أن هذه الكيانات تقوم بتغيير أماكنها، ما يصعب من جهود القضاء على هذه الظاهرة بشكل كامل. تم تشكيل لجنة لرصد هذه الكيانات على مواقع التواصل الاجتماعي حيث تستخدمها في الدعاية وجذب الطلاب».
ويذكر أن«الصفحة الرسمية لوزارة التعليم العالي تنشر قوائم معتمدة بكافة الكيانات التعليمية الرسمية على مستوى الجمهورية، ويمكن للطلاب الرجوع إليها للتأكد مما إذا كان الكيان الذي يرغبون في الالتحاق به معتمدا أم وهميا».
تحذير وإبلاغ
وشدد عبد الغفار على أن «أي كيان خارج هذه القائمة هو كيان غير شرعي ويجب الإبلاغ عنه من خلال الصفحات الرسمية للوزارة على مواقع التواصل الاجتماعي».
ويردف بالقول «الوزارة أطلقت حملات لتوعية وتحذير الطلاب وأولياء الأمور من تلك الكيانات التي تقوم بخداعهم وتمنحهم شهادات غير معتمدة من المجلس الأعلى للجامعات وغير معترف بها، وهو ما يؤدي إلى ضياع سنوات من عمر الطلاب بالإضافة إلى الخسائر المادية».
ويشير المتحدث إلى أن «الوزارة لا تدخر جهدا لمواجهة هذه الظاهرة، حيث يقوم مسؤولوها بزيارات مفاجئة لتلك الكيانات التي يتم الإبلاغ عنها أو رصدها على صفحات التواصل الاجتماعي وفحص أوراقها، واتخاذ الإجراءات القانونية حال ثبوت أنها كيان غير قانوني».
كما أوضح أن «لجان الضبطية القضائية تستقبل جميع الشكاوى من مختلف وسائل الإعلام والأجهزة المعنية في الدولة وأيضا من لجنة الرصد التابعة لوزارة التعليم العالي، وتتعامل مع تلك الشكاوى بشكل فوري».
تقرير مفصل
وبحسب عبد الغفار، «يتم رفع تقرير مفصل عن النتائج لوزير التعليم العالي، الذي أكد على ضرورة التعامل بشكل حاسم مع هذه الظاهرة وإحالة المسؤولين عن هذه الكيانات إلى النيابة العامة للتحقيق معهم وإخطار المحافظين بإغلاق مقراتها»، ولفت إلى أن «الجهود التي تبذلها الوزارة لملاحقة الكيانات الوهمية أسفرت عن إغلاق أكثر من 400 كيان خلال السنوات الأخيرة».
ويتابع «على أي كيانات ترغب في العمل بالمجال التقدم بالأوراق التي حددتها الوزارة واتخاذ كافة الإجراءات المتبعة لاعتمادها رسميا»، مشددا على أن «ملاحقة الكيانات الوهمية يعد جزءا من استراتيجية شاملة تهدف إلى تطوير منظومة التعليم العالي وضمان حصول جميع الطلاب على فرص تعليمية متساوية وعادلة».
يبلغ عدد الطلاب الذين أدوا امتحانات الثانوية العامة هذا العام تمهيدا للالتحاق بالجامعات نحو 745 ألف طالب.
تغليظ العقوبة
تعد مصر سوقا جاذبة للاستثمارات التعليمية نظرا لتعداد سكانها ومعدلات زيادته وارتفاع إنفاق الأسر على التعليم، حيث تتوقع وزارة التعليم العالي أن يصل عدد الطلاب الملتحقين بالجامعات عام 2032 إلى 5.6 مليون طالب، وهو ما يستوجب التوسع في إنشاء الجامعات لاستيعاب تلك الزيادة.
وبلغ عدد الجامعات في مصر خلال 2023 حوالي 93 جامعة تتنوع بين جامعات حكومية وخاصة ودولية وأهلية وتكنولوجية، مقارنة مع 65 جامعة في عام 2021، وفقا لبيانات المجلس الأعلى للجامعات.
وتحتاج مصر إلى 83 جامعة خاصة وأهلية بحلول عام 2052، وهو ما تعمل الحكومة على تحقيقه مع التركيز على جامعات (الجيل الرابع) التي تعتمد على التكنولوجيا الحديثة، وفقا لاستراتيجية تطوير التعليم العالي التي أطلقتها الوزارة في مارس 2023.
ونقلت الوكالة عن عبد الناصر سنجاب نائب رئيس جامعة عين شمس الأسبق قوله أنه «لابد من الاعتماد على طرق أكثر فاعلية لمواجهة الكيانات الوهمية، خاصة أن الوزارة تعلن منذ سنوات أنها تواجه هذه الظاهرة دون جدوى».
ويقول «المشكلة أن الطلاب يبحثون عن الالتحاق بتخصصات تفوق قدراتهم والدرجات التي حصلوا عليها، ما يعرضهم للنصب من قبل هذه الكيانات».
وأضاف أن «انتشار هذه الظاهرة بشكل كبير رغم جهود الوزارة لمواجهتها يجعل من الضروري البحث عن طرق أخرى أكثر فاعلية للتصدي لتلك الكيانات»، وأكد على «ضرورة القيام بحملات لتوعية الطلاب بخطورتها وإبلاغهم بأن مصروفات الجامعات الأهلية الرسمية لن تختلف بشكل كبير عن الكيانات الوهمية».
ويشير سنجاب إلى أن «من الضروري إجراء تعديل تشريعي يغلظ العقوبة على أصحاب هذه الكيانات وعدم الاكتفاء بغلقها فقط، لأنها تنقل مقراتها إلى أماكن أخرى وتبدأ في ممارسة نشاطها من جديد».
وتدار الجامعات الأهلية في مصر من خلال مجالس أمناء ولا تهدف للربح، ولا تديرها الدولة إدارة مباشرة، وعلى الرغم من أنها ليست مجانية إلا أن رسومها ومصروفاتها لا تصل إلى مستوى الجامعات الخاصة.
أقرأ المزيد
استشهاد مراسل الجزيرة في غزة إسماعيل الغول