خيارات الخلافة.. من هم أبرز المرشحين لقيادة حماس بعد اغتيال هنية؟
بصاروخ موجه إلى جسده، اغتيل إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في طهران بعد مشاركته في حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان.
وأكد الحرس الثوري الإيراني في بيان نبأ اغتيال هنية ومرافقه الشخصي في قصف استهدف مقر إقامته في طهران الساعة الثانية من صباح اليوم الأربعاء، تبعه بيان نعي من حركة حماس لأحد أبرز قادتها.
فَتَح الحدث الباب على مصراعيه أمام الخيارات المحتملة لخلافة الزعيم السياسي الأول لحركة حماس، لا سيما في ظل حرب شرسة مع إسرائيل، فهنية كان المسؤول الأول عن إدارة عملية التفاوض من خلال الوسطاء من أجل الوصول إلى صفقة تفضي إلى وقف إطلاق النار بقطاع غزة.
ولا تستطيع حركة حماس ترك كرسي رئاسة مكتبها السياسي شاغرا دون أن تملأه بأحد الخيارات الوازنة التي سبق لها تولي هذه المهمة، أو التي تمارس في السنوات الأخيرة مهام مشابهة تشير إلى قدرتها على تولي هذا المنصب الحساس.
وفيما يلي أبرز الخيارات المرشحة لخلافة إسماعيل هنية، التي رصدتها وكالة أنباء العالم العربي:
خالد مشعل
شغل مشعل (68 عاما) هذا المنصب لفترة طويلة امتدت من عام 1996 حتى عام 2017، قبل أن يخلفه إسماعيل هنية منذ ذلك الحين وحتى اغتياله صباح الأربعاء.
ومشعل من مواليد قرية سلواد في الضفة الغربية، وانتقل مع أسرته إلى الكويت حيث لحق بوالده هناك، قبل أن يعود عام 1991 إبان حرب تحرير الكويت.
يصنَّف خالد مشعل بأنه من دعاة العمل العسكري ضد إسرائيل، ونُسب إليه قول «يجب علينا إعادة الاعتبار للخيار العسكري في التعامل مع سلطات الاحتلال»، وذلك بعد سلسلة إخفاقات اعتبر أنها لحقت بمسار التسوية.
وعلى إثر ذلك، تعرض لمحاولة اغتيال في 25 سبتمب عام 1997 حين حاول جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) اغتياله على الأراضي الأردنية من خلال قيام عميلين إسرائيليين يحملان جوازي سفر كنديين بحقنه بالسم.
وألقت السلطات الأردنية القبض على العميلين بعد نجاحهما في إدخال السم في جسد مشعل، واشترط الملك حسين، عاهل المملكة الأردنية الهاشمية وقتها، على إسرائيل تقديم الترياق الخاص بالسم وإطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين مؤسس حماس والذي كان معتقلا حينها، مقابل الإفراج عن العميلين الإسرائيليين، وهو ما تم بالفعل.
وكان مشعل، الذي عٍين قائدا لحركة حماس بعد اغتيال ياسين عام 2004، عضوا في المكتب السياسي لحماس منذ تأسيسه، وصاحب أطول فترة في رئاسته حتى الآن، قبل أن يخلفه هنية بعد انتخابه من قبل مجلس شورى حماس منتصف عام 2017، دون الإفصاح عن المهمة الذي سيتولاها مشعل داخل الحركة.
ويعد مشعل أبرز الخيارات المطروحة للعودة إلى رئاسة المكتب السياسي، كونه صاحب التجربة الأطول في ذلك المكان، علاوة على اعتباره «داهية سياسية» بحسب وصف كثيرين من الكُتاب والمحللين. ويُنسب إليه البراعة في التعبير عن المواقف المتشددة لحماس باستخدام صياغات ومصطلحات معتدلة، ويوصف بأنه شخصية تتمتع بالصلابة والمرونة في ذات الوقت والاستعداد للتحاور دوما في سبيل البحث عن وصول لقواسم مشتركة وحلول.
موسى أبو مرزوق
هو رئيس أول مكتب سياسي لحركة حماس منذ تأسيسه عام 1992 حتى عام 1997، ويعتبر أحد أوائل قيادات المجموعات الإسلامية التي نشطت في مواجهة إسرائيل، حيث انطلق في ممارسة هذا النشاط منذ نهاية ستينيات القرن الماضي، وساهم في إنشاء أول مجموعة إسلامية في رفح، مسقط رأسه.
ويشتهر أبو مرزوق بتجربته في الخارج، حيث أكمل دراسته العليا في الولايات المتحدة، وحصل على درجة الماجستير في إدارة الإنشاءات عام 1984، ثم درجة الدكتوراه في الهندسة الصناعية عام 1992.
وهناك، ساهم أبو مرزوق في إنشاء أول مركز إسلامي في مدينة فورت كولنز في ولاية كولورادو، بجانب العديد من المراكز والهيئات ذات الطابع الإسلامي التي تنشط في مجالات الدعوة والدفاع عن القضية الفلسطينية داخل الأراضي الأميركية.
عمل في دولة الإمارات رئيسا لمصنع ألومنيوم في ثمانينيات القرن الماضي، وانتخب مسؤولا عن مكتب تنظيم بلاد الشام هناك، والذي تشكل نتيجة اندماج تنظيم الإخوان المسلمين في فلسطين مع نظيره في الأردن، ثم انتخب مسؤولا عن العمل الإسلامي في الولايات المتحدة عام 1988.
وفي عام 1989، تولى مهمة إعادة تنظيم صفوف حركة حماس داخل الأراضي الفلسطينية بعد اعتقال الجيش الإسرائيلي لمعظم قياداتها وكوادرها البارزين، ثم انتُخب رئيسا لأول مكتب سياسي للحركة عام 1992.
تعرض أبو مرزوق لسلسلة من حملات الملاحقة والإبعاد والاعتقال، حيث أُبعد من الأردن بعد قرار السلطات هناك إغلاق مكاتب الحركة في البلاد، واعتقلته السلطات الأميركية من مطار نيويورك عام 1995 بتهمة نقل أموال وإصدار أوامر لناشطي حماس، وأودع السجن قرابة عامين قبل أن تسلمه الولايات المتحدة إلى المملكة الأردنية التي أبعدته عن أراضيها مجددا عام 1999.
ترأس أبو مرزوق وفد حركة حماس خلال حوارات المصالحة الفلسطينية التي جرت في القاهرة منذ عام 2009 وحتى إعلان حكومة الوفاق الوطني عام 2014، قبل أن يعيد مجلس شورى حماس انتخابه عضوا في مكتبها السياسي عام 2017.
خليل الحية
هو نائب رئيس حركة حماس، وأحد أبرز قياداتها في السنوات الأخيرة، ومسؤول وفد التفاوض عبر الوسطاء مع الجانب الإسرائيلي في مباحثات وقف إطلاق النار للحرب الجارية على قطاع غزة.
والحية أحد أهم أعضاء المكتب السياسي لحماس، ويتولى مسؤولية رئاسة مكتب الحركة للعلاقات العربية والإسلامية، علاوة على كونه عضوا منتخبا في المجلس التشريعي الفلسطيني عام 2006.
كان خليل الحية أحد تلاميذ الشيخ أحمد ياسين المقربين بعدما التقى به عام 1980 وهو بعمر الخامسة عشرة، ولازمه في جلسات مطولة معظم الوقت، لينطلق من هناك في رحلته داخل أروقة العمل الدعوي والشبابي والنقابي من خلال المجمع الإسلامي والكتلة الإسلامية ثم حركة حماس المنبثقة عنهما عام 1987.
اعتقلته إسرائيل عدة مرات "على خلفية نشاطاته المعادية" بعد أن انضم إلى أعمال الحركة الإسلامية المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، برفقة إسماعيل هنية ويحيى السنوار وغيرهما.
والحية أحد أعضاء المجموعة التي نشطت في الانتفاضة الفلسطينية الأولى والتي كانت نواة تأسيس حركة حماس وإدارة أنشطتها في مقاومة الجيش الإسرائيلي وقيادة المواجهات الشعبية ضده.
تولى خليل الحية رئاسة العديد من الوفود التفاوضية في محطات مختلفة أهمها رئاسته لوفد حماس خلال مفاوضات وقف حرب عام 2012 وعام 2014 التي انعقدت في القاهرة.
وشارك في العديد من الوفود الدبلوماسية التي توجهت للاجتماع مع شركاء داعمين لحركة حماس، ومن ذلك لقاؤه مع الأمين العام لحزب الله في لبنان حسن نصر الله أواخر نوفمبر الماضي، ولقاء إعادة بلورة العلاقات بين سوريا وحماس عام 2022.