«خليجيون»| خزانة أموال ليبيا «رهينة» الميليشيات.. تهدئة بعد تصعيد
رغم أن محللين سياسيين، استبعدوا انفجار المشهد المتوتر في ليبيا مؤخرا، خصوصا بعد التوصل لاتفاق لإنهاء الاستنفار والتصعيد العسكري في العاصمة الليبية بشأن المصرف المركزي، لكنهم عدوا تصدر الميليشيات المسلحة واجهة المشهد في الصراع على المصرف المركزي هو إشارة نحو دوافع مالية إلى السيطرة على مفاصل الدولة الرئيسية.
وفي وقت متأخر الجمعة، أعلن وزير الداخلية بالحكومة الليبية المعترف بها دوليا عماد الطرابلسي الجمعة التوصل لاتفاق لإنهاء الاستنفار والتصعيد العسكري الذي شهدته العاصمة الليبية، مؤكدا مباشرة الأجهزة الأمنية تأمين المقرات الحكومية.
تسببت واقعة خطف مدير إدارة تقنية المعلومات بالبنك المركزي الليبي مصعب مسلم الأسبوع الماضي، وقبلها محاصرة مسلحين مقر البنك، بتوتر بين محافظ البنك والمجلس الرئاسي في العاصمة طرابلس الذي يطالبه بترك المنصب. وأدى ذلك إلى تعليق أعمال المركزي الليبي، وتم استئناف النشاط عقب إطلاق سراح المسؤول المختطف.
جاء ذلك فيما يستمر الجدل حول بقاء الصديق الكبير منصب محافظ المصرف المركزي منذ العام 2012، إذ يواجه انتقادات متكررة بشأن كيفية إدارته لإيرادات النفط الليبي وموازنة الدولة، توجهها شخصيات بعضها مقرب من رئيس الحكومة المعترف بها دوليا في طرابلس عبد الحميد الدبيبة. ويحظى محافظ البنك المركزي بثقة مجلس النواب الذي جددها قبل أيام بعد قرار أقالته من المجلس الرئاسي، لكن النواب اعتبر أن المجلس الرئاسي في طرابلس لا يملك صلاحية تعيين أو إقالة محافظ البنك.
الصديق الكبير.. كلمة السر
وفي خضم هذا الوضع المتأزم، يرى الأكاديمي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة درنة الليبية يوسف الفارسي، في تصريح إلى «خليجيون» أن «الصديق الكبير يحظى بالدعم من دول كبرى بعينها، إضافة إلى دعمه من القوات المسلحة في شرق ليبيا، وذلك يفسر عدم تنفيذ قرار تعيين محمد الشكري حتى الآن». ويتابع «في الناحية الأخرى هناك حكومة الوحدة والمجلس الرئاسي الذي يمتلك قوات مسلحة أيضا وتحاول منع الصديق من ممارسة عمله».
تعاني ليبيا البالغ عدد سكانها 6، 8 ملايين نسمة، انقسامات منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011. وتتصارع حكومتان على السلطة، الأولى حكومة الوحدة التي تشكلت بموجب اتفاق جنيف والمعترف بها أمميا برئاسة الدبيبة ومقرها طرابلس وتدير منها غرب البلاد، والثانية حكومة أسامة حماد التي كلفها مجلس النواب ومقرها مدينة بنغازي وتدير شرق البلاد ومدنا بالجنوب الذي تسيطر عليه قوات المشير خليفة حفتر.
المليشيات المسلحة والسيطرة على موارد ليبيا
وفي حين يستبعد الدكتور محمد الزبيدي، الباحث الليبي في الشؤون السياسية سيناريو الحرب الأهلية «بسبب التشابك القبلي والعشائري». إلا أنه يرى في تصريح إلى«خليجيون» أن «انضمام المليشيات إلى المشهد تدفعه دوافع مالية بسبب السخاء في الدفع» ويرجع ذلك إلى «سيطرة المليشيات على مفاصل الدولة وخصوصاً موارد النفط والبنك المركزي».
ويشرح الطبيعة الخاصة للتشكيلات المسلحة في العاصمة طرابلس، قائلا «هناك من ينضم لمليشيا عقائدية كداعش والقاعدة لإيمانه بطرحها العقائدي أو لتفادي شرها بسبب ماضيه»، لكن «المليشيات التي تتصارع في طرابلس تُحرك واجهاتها السياسية لكسب معركة الإستيلاء على المصرف المركزي وتسخير موارد الدولة لشراء الولاءات محليًا واقليميًا ودوليًا».
وحسب دراسة نشرتها قناة الجزيرة، فإن تلخيص السيطرة العسكرية، في قوات مدن غرب ليبيا مصراتة والزاوية وجبل نفوسة التي ما زالت تؤكد ولاءها لثورة فبراير وقوات تقتسم السيطرة على مناطق العاصمة متغيرة الولاءات، وفي المقابل قوات اللواء خليفة حفتر المسيطرة على شرق البلاد بشكل كامل مع معظم مناطق الجنوب
أزمة المركزي الليبي.. صراع ميليشيات «مفتعل»
ويعتبر أستاذ العلاقات الدولية جامعة بنغازي محمد حسن مخلوف، أن أزمة بنك ليبيا المركزي هي صراع جماعات مسلحة مُفتعل» ويوضح في تصريح إلى «خليجيون» «المركزي الليبي انقطع عن تقديم الدعم المالي للجماعات المسلحة في طرابلس، وكذلك التحويلات المشبوهة لحكومة الدبيبة، وبالتالي صار التصادم أمرا حتميا».
وينبه مخلوف إلى أن هذه التطورات هي الدافع الرئيسي وراء «قرار المجلس الرئاسي بإقالة الصديق الكبير» ويتابع «المجلس الرئاسي لا يمتلك سلطة في تغيير المناصب السيادية، وهذا عبث سياسي» بحسب وصفه. ويعتقد في الوقت نفسه أن اللغط الحاصل حول المركزي «يهدف إلى الذهاب بليبيا إلى صندوق النقد الدولي والاقتراض»
ومصرف ليبيا المركزي هو الجهة الوحيدة المعترف بها دوليا فيما يتعلق بإيداع إيرادات النفط، وهي دخل اقتصادي حيوي للبلد المُنقسم منذ سنوات. ويوم الخميس، أعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن قلقها العميق إزاء تقارير تفيد بحشد القوات في العاصمة طرابلس، داعية في بيان إلى التهدئة وخفض التوتر وضبط النفس بشكل فوري.
لكن آراء المحللين تباينت بشأن دور المجتمع الدولي في حسم هذا الصراع بين الأطراف السياسية والمكونات العسكرية، إذ ينتمي الزعماء السياسيون في ليبيا إلى هيئات منتخبة منذ عقد أو أكثر، أو جرى تعيينهم عبر جهود دولية متعددة لإحلال السلام ولانتقال السلطة، ولكن تعثرت الجهود الدبلوماسية الرامية إلى إجراء انتخابات وطنية واستبدال هذه الهيئات.
ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة درنة يوسف الفارسي لـ«خليجيون»: «حلول الصراع الحالي كلها دولية بشكل رئيسي خصوصا بعد هذه التحذيرات من البعثة الأممية».
لكن الباحث السياسي د.محمد الزبيدي يستبعد فاعلية دور المجتمع الدولي قائلا «اطلاقًا، لن يحسم الأمر بالحل الدولي» ويضيف ساخرًا «سيقتصر دورها على القلق والادانة والاستنكار وضرورة ضبط النفس وعدم اللجوء إلى العنف.. الخ». وعلى نحو أكثر تفصيلا يعتبر أستاذ العلاقات الدولية جامعة بنغازي محمد حسن مخلوف أن « الصراع الدولي حول ليبيا المعرقل الرئيسي، وما يبحث إليه أطراف معينة تريد إدخال ليبيا في حرب أهلية وإنقسام وتفكك».
أقرأ المزيد
مسؤول سعودي: لم نعد الخزان الماليً الخارجي