خليجيون| ما سقف الدور الخليجي في أزمة السودان بعد جولة جنيف؟
استبعد خبراء سياسيون نتيجة إيجابية للتحركات الخليجية الأخيرة في مفاوضات جنيف للوساطة بين طرفي الحرب الأهلية في السودان، بسبب الانقسام بين معسكرين داعمين للجيش السوداني وقوات الدعم السريع، إذ ورغم الدور السعودي في تقريب وجهات نظر طرفي الأزمة، إلا أن العقدة الرئيسية هي رفض أحد طرفي النزاع لما قال إنه تدخل إماراتي لصالح قوات الدعم السريع.
وفي الشهر السادس عشر من الحرب، سعت دول خليجية ضمن أطراف وساطة دولية إلى اقناع قيادة الجيش السوداني بالمشاركة بجولة مفاوضات في جنيف، خاصة أن وفد قوات الدعم السريع شارك بالحضور، ولكن باءت المحاولات بالفشل لأسباب اعتبرها المبعوث الأميركي للسودان توم بيريلو «تتعلق بضغوط مارستها أطراف داخلية على الجيش».
وكانت السعودية والإمارات من بين دول الوساطة التي قالت في بيان ختامي إنها «استحصلت على ضمانات من طرفي النزاع لتوفير نفاذ آمن ودون عراقيل عبر شريانين رئيسيين» في حين كان اعتراض الجيش السوداني على مشاركة الإمارات في المحادثات لأنها قدمت دعما ماديا لقوات الدعم السريع وفقا لتقارير يقول خبراء الأمم المتحدة إنها «ذات مصداقية».
الحراك السياسي وجهود السلام في السودان
ويعتبر الخبير الاستراتيجي السعودي، اللواء الدكتور محمد الحربي، أن الحراك الكبير وجهود السلام المبذولة لإنهاء الحرب في السودان، كان محركها الأول السعودية ويقول «بدأ ذلك الأمر بالتضامن مع الولايات المتحدة ومصر، منذ 11 مايو 2023، أي بعد نحو شهر من اندلاع الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع»، منوها إلى «دور السعودية الدبلوماسي وجهودها نحو السلام عبر (منبر جدة)،
كذلك يقول الخبير الاستراتيجي السعودي إن «المملكة بذلت جهود وحراك متقدم برفقة عدد من الدول والمنظمات، لإخماد حرب السودان، وقبلها كيفية إيصال المساعدات الإنسانية للشعب السوداني الذي بات تحت وطأة اشتعال المعارك بين الجيش والدعم السريع».
ومنذ مايو 2023 احتضنت مدينة جدة جولات مباحثات بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع بمبادرة سعودية أميركية، قم استأنف في أكتوبر الماضي ولكن الجيش شدّد على أن «استئناف التفاوض لا يعني توقف معركة الكرامة الوطنية».
الإمارات والأزمة السودانية
في السياق الدور الخليجي أيضا، سبق أن نسبت صحيفة «نيويورك» الأميركية إلى مسؤولين القول إن «الإماراتيين ساعدوا أيضا في دعم قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو»، ودار سجال في مجلس الأمن بين مندوبي السودان والإمارات على خلفية هذه الاتهامات.
لكن الكاتب والأكاديمي الإماراتي د.عبد الخالق عبد الله يرى أن الاتهامات تتكرر حين يتراجع الجيش في حسم المعركة مع قوات الدعم السريع، ويقول «اتهامات وادعاءات الجيش السوداني لا يوجد دليل عليها ولا يوجد أي منطق له».
ويعتقد عبد الله أن «ذكر الإمارات بين الحين والأخر يعود أساسا إلى أن الجيش السوداني قد اختطف من تيار سياسي هو تيار الإخوان، وتيار الإخوان نعرفه جميعا كم أنه يناصب العداء لدولة الإمارات»، حسب تعبيره.
الموقف الخليجي من طرفي الصراع
في المقابل يرى أستاذ العلوم السياسية، الدكتور مصطفى كامل السيد أنه لا يوجد موقف خليجي واحد وواضح بشأن الصراع السوداني ويقول«من ناحية تُشير التقارير بأن دولة الإمارات تؤيد قوات الداعم السريع، بينما تميل كل من السعودية وقطر إلى تأييد الحكومة السودانية» ويعتقد أن «هذا الانقسام الخليجي يضعف من فاعلية دور دول الخليج».
وتحدث مراقبون عن أن السعودية تدعم البرهان، في حين تدعم الإمارات حميدتي لتعزيز مصالحهما في البلاد.بل وذهب الأكاديمي طلال محمد إلى حد القول بأن «السودان أصبح ساحة للحرب بالوكالة بين السعودية والإمارات»، في مقال كتبه في مجلة فورين بوليسي في يوليو الماضي.
حسم الصراع على السلطة
وحتى في حالة اتفاق دول الخليج على موقف واحد، فإن المحلل السياسي المصري د.مصطفى كامل السيد يرى في تصريح إلى «خليجيون» «صعوبة وقف هذا الصراع» ويوضح «لأنه يستند إلى عدم رغبة قوات الدعم السريع في أن تخضع لسلطة الحكومة المركزية في الخرطوم، بسبب الدوافع الشخصية وأيضًا المصالح المتعارضة». ويوضح «الأطراف الخليجية عاجزة عن حسم هذا الصراع»، مرجعا ذلك إلى اكتفائها «بتقديم النصيحة في مقابل خلافات حادة وغير قابلة للحلول الوسط بين طرفي النزاع».
ومنتصف أبريل 2023، اندلع النزاع المسلح بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وهو أيضا رئيس مجلس السيادة والحاكم الفعلي للبلاد، وقوات الدعم السريع بقيادة حليفه ونائبه السابق محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي. واتسع نطاق الحرب وتسبب بإحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم وفق تقارير الأمم المتحدة.
اقرأ المزيد
كواليس فشل مفاوضات القاهرة: خلافات على فيلادلفيا وشروط إسرائيلية جديدة..