«خليجيون»| هل تتوافق الأطراف الليبية بعد اختيار محافظ المركزي؟
يرى محللون سياسيون ان صراع القيادة بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة لن ينتهي باختيار محافظ لمصرف ليبيا المركزي، معتبرين أن المساعي المصرية-التركية قد تمثل ورقة ضغط على هذا المسار.
وكانت الهيئات التشريعية في ليبيا استقرت، الثلاثاء الماضي، على تعيين محافظ جديد لمصرف ليبيا المركزي، في غضون 30 يوما برعاية الأمم المتحدة، ووقعا الطرفان بيانا مشترك.
وحسبما أفادت وكالة الأنباء الألمانية أن الصديق الكبير، محافظ مصرف ليبيا المركزي أكد وجود مؤشرات قوية على التوصل إلى اتفاق بشأن عمل البنك المركزي.
اللافت أن تصريحات الكبير جاءت بعد فراره خارج ليبيا بسبب تهديدات من مجموعات مسلحة، وبحسب فايننشال تايمز «أجبر مع موظفين كبار آخرين بالبنك على الفرار من البلاد حفاظا على حياتهم من هجمات محتملة لمجموعات مسلحة».
وبحسب الصحيفة أيضا «لم يُحدد مكانه» وأعلن أن «مسلحين يهددون ويرعبون موظفين في البنك في محاولة لدفعه للاستقالة».
ويعود الخلاف إلى إعلان الحكومة غرب ليبيا (المجلس الرئاسي)، قبل نحو أسبوعين إقالة الصديق الكبير، من رئاسة المصرفي الليبي، وتعيين محمد عبد السلام شكري خلفًا له، مما دفع حكومة الشرق المدعومة من البرلمان إلى وقف تصدير النفط الخام، ردًا على قرار إقالة الكبير الذي يحظى بثقة مجلس النواب الذي اعتبر أن (الرئاسي) في طرابلس لا يملك صلاحيات الإقالة.
وفي وقت لاحق، دعا الاتحاد الأوروبي إلى «حل تفاوضي واستئناف إنتاج النفط، وهو ما ينسجم مع دعوات مماثلة من الولايات المتحدة والأمم المتحدة لحل الأزمة». خاصة بعد إعلان مخاوفهم بشأن التصعيد العسكري في ليبيا.
تداعيات أخرى ومؤسسات موازية
ويرى الدكتور محمد الزبيدي، الباحث الليبي في الشؤون السياسية، أن الصراع بين المجلس الرئاسي ومجلس النواب له تداعيات أخرى، ويشير إلى «هناك نية لانعقاد مؤتمر للنواب في طرابلس لإحياء برلمان سيادي يضم النواب المنشقين -بالمنطقة الشرقية-». ويضيف «هناك مجلسل نواب حكومتان ولا ننتظر أن يكون هناك أيضا مؤسسات موازية أخرى».
تتصارع حكومتان على السلطة في ليبيا، الأولى حكومة الوحدة التي تشكلت بموجب اتفاق جنيف والمعترف بها أمميا برئاسة الدبيبة، والثانية حكومة أسامة حماد التي كلفها مجلس النواب.
ويلفت الزبيدي في تصريح إلى «خليجيون» «إذا استمر هذا العناد واللغط حول المصرف المركزي، قد يتحول الصديق الكبير إلى (شرك) ليبيا ونصبح أمام مركزيين كل منهم بقيادة منفصلة» ويستنكر «ربما نصل إلى لحظة انفصال بين مؤسسات الدولة كافة».
وفي السياق ذاته، ذكرت وكالة «بلومبيرغ» للأنباء أن انفراج الأزمة بين الحكومتين المتصارعتين في ليبيا من شأنه أن يمهد الطريق أمام عودة أكثر من نصف مليون برميل من النفط الليبي يومياً إلى الأسواق العالمية.
وعن شروط المجلس الرئاسي بشأن التمديد للصديق الكبير يقول «لن يقبل المجلس الرئاسي ما سيتوصل إليه مجلس الدولة والبرلمان، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الحكومة».
ولا يتفاءل الزبيدي بالمشاورات بشأن المركزي ويعتقد أن «في حالة اتفاق الأطراف (عقيلة صالح والمشري) سينقسم مجلس الدولة ويظهر محمد تكالة إلى الوجود مرة أخرى، وسينشأ مجلس نواب موزاي وستتصاعد الأزمة الليبية» ويقول «تحولنا إلى ساحة صراع دولية».
وفي أغسطس الماضي، تنازع كل من محمد تكالة وخالد المشري على رئاسة المجلس الأعلى وأُعلن فوز المشري على تكالة بفارق صوت واحد، مع وجود ورقة انتخابية كُتب عليها اسم الأخير من الخلف، لكن اللجنة القانونية للمجلس حسمت فيما بعد الأمر لصالح المشري.
ولا يَعول الزبيدي على الأمم المتحدة في حل الأزمة الليبية ويقول «منذ نشأتها عام 1945 حتى هذه الساعات لم تحل أي نزاع دولي، خاصة النزاعات المزمنة» ويشير إلى «نزاع الصحراء وغزة وتايوان تقف عاجزة عن الاتيان بأي حل».
ويلفت إلى مؤتمر لندن المرتقب تنفيذه ويقول «سيشارك فيه دول فاعلة كبرى، وأن التوجه الدولي هو حل كافة الأجهزة التشريعية في مجلس الدولة، وأن المجلس الرئاسي ما هو إلا محرك لهذه الأجندة التي تضم حَل كل من مجلسي النواب والدولة والحكومة، وإعلان ما يشبه حالة الطواري».
مسمارا في النعش السياسي
«الصراع في مسألة المصرف المركزي صراع بقاء» هذا ما يعتقده محمد محفوظ، الكاتب والباحث السياسي، ويرى أن «الأطراف في مسألة المركزي تظن أن من يخسر، سيجد نفسه خارج المشهد» ويتابع «فشل المجلس الرئاسي والدبيبة في تغيير الكبير وعودته لمنصبه مرة أخرى يعني مسمارا في نعشهم».
ويعتقد أن «من الصعب الحديث عن امكانية توافق بين القوى الدولية على محافظ مركزي، وكذلك الأمر بين الأطراف المحلية» ويعتبر أن «دور الأمم المتحدة يقتصر على إدارة الحوار» وأن «وجود نقاط تضغط بها على الاطراف غير مطروح» ويوضح «ذلك يفسر عدم توقيع الاتفاق النهائي برغم من إعلان الأمم المتحدة توقيعه في الايام الماضية، ولكن فشل هذا الأمر».
ويرجح محفوط في تصريح إلى «خليجيون» العامل الأساسي في حل الأزمة إلى «التوافق الاقليمي» ويشير في حديثه إلى «المساعي المصرية- تركية» ويقول «ربما مبادرة الطرفان تضغط على أطراف الصراع».
دور تركيا والولايات المتحدة الأميركية
وفي السياق ذاته، يرى جلال حرشاوي، الباحث المتخصص في الشؤون الليبية أن «هناك العديد من الدلائل التي تشير إلى أن تركيا والولايات المتحدة تريدان عودة المحافظ صادق الكبير إلى طرابلس بسرعة» ويعتقد أن «الدولاين العضوين في حلف شمال الأطلسي على هذه الخطة، مع موافقة العديد من الدول الأخرى عليهما».
ويعتبر الباحث السياسي في تصريح إلى «خليجيون» أن «المشكلة الأكثر إلحاحًا بالنسبة لهما هي إعادة تشغيل عمليات الدولار حتى يتمكن الاقتصاد الليبي من استئناف العمل بشكل صحيح».
ويرجح «إذا عاد كبير، فقد يساعد ذلك أيضًا في رفع الحصار النفطي الذي تفرضه عائلة حفتر» ويقول «في الواقع، كانت علاقة كبير وعائلة حفتر جيدة في الأشهر الستة إلى الاثني عشر الماضية» ويلفت إلى «عودة كبير إلى طرابلس هي الأولوية الفورية».
ويوضح «تدرك تركيا وأميركا أن عودة كبير لا يمكن تقديمها إلا على أنها مؤقتة. ولا يمكن لهاتين الدولتين أن تقولا إن كبير يجب أن يعود بشكل دائم» ويضيف «لطمأنة دبيبة وحفتر، تقول تركيا إنه يجب تشكيل مجلس إدارة جديد على رأس المركزي».
ويشير حرشاوي إلى «في الوقت الحالي، لا يتولى إدارة المؤسسة سوى الكبير والسيد بعراسي، ولا يوجد مجلس إدارة. لذلك، هناك حاجة إلى اختيار سبعة أشخاص جدد قريبًا».
ويقول «يبدو أن تركيا تضغط على عائلة دبيبة لقبول عودة الكبير» -بحسب تعبيره- ويستنتج «حتى لو كان من المفترض أن تكون العودة لبضعة أسابيع فقط، فإن العديد من الأطراف تخشى أن تستمر (المرحلة المؤقتة) لعدة أشهر».
ويعتقد «في الوقت الحالي، كما هو الوضع، فإن مجلس الإدارة الجديد الذي اختاره المجلس الرئاسي بتأثير من الدبيبة، الفريق الذي يقوده السيد عبد الفتاح غفار، في مأزق» ويتابع «يسيطر السيد غفار على أجزاء من نظام الدينار، لكن البنوك الدولية، التي تحتفظ بحسابات ليبيا بالدولار، لا تعترف به بعد» ويؤكد «هذه مشكلة كبيرة جدًا جداً بالنسبة لليبيا».
أقرأ المزيد
استمرار اعتقال المرشح الرئاسي التونسي العياشي زمال بعد الإفراج عنه