اليحيا.. رجل أعاد الروح للدبلوماسية الكويتية
تعتبر الزيارة التي قام بها وزير خارجية الكويت، عبد الله اليحيا إلى مصر، مؤخرًا، والتي أسفرت عن تعزيز التعاون الثنائي، مؤشراً واضحاً على عودة الدبلوماسية الكويتية إلى سابق عهدها من النشاط والحضور الإقليمي، فبعد فترة من الركود، يبدو أن الكويت في طريقها لاستعادة مكانتها كلاعب مؤثر في الساحة الدولية.
ولا أخفيكم سرا، فإن سعادتي بالحراك الكويتي الدبلوماسي في الفترة الأخيرة منذ تولى اليحيا حقيبة الخارجية أمر يجعلني في غاية السعادة، ولهذه السعادة أسبابها الوجيهة.
ولطالما كانت الكويت معروفة بدورها الريادي في المنطقة، ودبلوماسيتها الرشيدة التي سعت دائماً إلى تحقيق السلام والاستقرار. إلا أن هذه الدبلوماسية مرت بمرحلة من التراجع خلال السنوات الماضية، مما أثر على نفوذ الكويت ومكانتها الإقليمية.
ولكن مع تولي عبد الله اليحيا حقيبة الخارجية، بدأت تتضح معالم نهضة جديدة في الدبلوماسية الكويتية. فهذا الرجل (اليحيا) بشخصيته القيادية ورؤيته الثاقبة، نجح في بث روح جديدة في الوزارة، وحفز فريق العمل على تحقيق إنجازات ملحوظة.
وكذلك كان للشيخ فهد اليوسف، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والداخلية، دور بارز في تعزيز العلاقات الخارجية مع الدول الشقيقة، حيث ساهمت جهوده في تقوية أواصر التعاون والتفاهم المشترك بين الكويت وجيرانها. هذه الجهود لم تقتصر على الجانب الأمني فقط، بل امتدت لتشمل مختلف المجالات السياسية والاقتصادية، مما ساعد في ترسيخ مكانة الكويت على الساحة الإقليمية.
كما لمسنا بشكل واضح دور الدبلوماسية الكويتية في العديد من المحطات المهمة، حيث كانت للكويت بصمة واضحة في تطوير علاقاتها مع الإمارات والسعودية ومصر.
بالإضافة إلى ذلك، نأمل أن يكون للدور الكويتي حضور قوي في القمة الخليجية الأوروبية المرتقبة، بشكل يعكس حرص الكويت على تعزيز العلاقات بين مجلس التعاون الخليجي والدول الأوروبية، وتأكيدها على أهمية الحوار والتعاون الدولي لمواجهة التحديات المشتركة.
وفي رأيي، فإن نجاح اليحيا في مهمته مرجعها لعدة عومل لعل أبرزها أنه يتمتع برؤية واضحة لأهداف الدبلوماسية الكويتية، ويسعى إلى تحقيقها من خلال استراتيجية مدروسة. كما أنه أولى أهمية كبيرة لتعزيز العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة، وخاصة دول الخليج العربي ومصر. كما عمل اليحيا على تحديث الآليات والوسائل المستخدمة في الدبلوماسية الكويتية، لتواكب التطورات المتسارعة في العالم.
وبالرغم من الإنجازات التي تحققت حتى الآن، إلا أن الدبلوماسية الكويتية تواجه العديد من التحديات، إذ تشهد المنطقة العربية تحولات كبيرة، وتنافساً إقليمياً حاداً، مما يتطلب من الكويت اتباع سياسة خارجية حكيمة ومتوازنة. وكذلك تشهد الساحة الدولية تغيرات متسارعة، تتطلب من الدبلوماسية الكويتية مواكبة هذه التغيرات والتكيف معها.
فضلا عن ذلك، يتطلع الشعب الكويتي إلى أن تلعب بلاده دوراً أكبر في حل الأزمات الإقليمية والدولية، وأن تساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
وعليه، يجب الاستثمار في تدريب وتطوير الكوادر الدبلوماسية الكويتية، لتمكينهم من أداء مهامهم على أكمل وجه. كذلك يجب تعزيز التعاون بين وزارة الخارجية والقطاع الخاص، لتعزيز التبادل التجاري والاستثماري. فضلا عن ضرورة أن تولي الدبلوماسية الكويتية اهتماماً أكبر بالقضايا الشبابية، وتشجيع مشاركتهم في صنع القرار.
كما أود التأكيد على أن الدبلوماسية الشعبية تلعب دورًا حيويًا في دعم جهود وزارة الخارجية وتعزيز علاقاتها الدولية. فهي تمثل القوة الناعمة التي تعتمد على الشعب في بناء جسور التواصل الثقافي والاجتماعي مع الشعوب الأخرى. من خلال التبادل الثقافي، والتعاون الأكاديمي، والسياحة، والمبادرات الشعبية، يتم تعزيز صورة الدولة بشكل إيجابي على الساحة الدولية. هذا النوع من الدبلوماسية يعزز من جهود الوزارة الرسمية، حيث يسهم في خلق فهم مشترك وتقوية الروابط الإنسانية، مما يسهل في النهاية تحقيق الأهداف الدبلوماسية الرسمية ويعزز مكانة الدولة في المجتمع الدولي.
وختاما، فإن عودة الدبلوماسية الكويتية إلى سابق عهدها من النشاط والحضور، تعتبر خبرًا سارًا للكويت وللمنطقة بأكملها. فالدور الذي تلعبه الكويت في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، لا يمكن الاستغناء عنه.