كابوس البوارج الهندية يلاحق صناديق الاقتراع في دول الخليج (خاص)
رغم دوي أصوات اجراس إنذار مبكرة قرعها باحثون ومراكز دراسات خليجية لعقود من خطورة طوفان العمالة الآسيوية في دول الخليج، إلا أن محللين سياسيين يبدون استغرابهم من استمرار الصمت حيال التحذيرات من خطر سياسي محتمل على دول المنطقة، في ضوء مخاوف من تحرك تلك العمالة ضمن تجمعات قد تطالب باستحقاقات سياسية مثل التمثيل البرلماني.
وكما كان متوقعا، تزايدت وتيرة المخاطر في سبتمبر الماضي، حين تصدت دول خليجية وعربية أعضاء في الجمعية البرلمانية الآسيوية لمحاولات تمرير مشروع قرار يتضمن توطين العمالة التي تقضي مددا طويلة في الدول التي تعمل بها باعتبارهم مهاجرين فيها. وقررت الجمعية البرلمانية الآسيوية تأجيل النظر في الموضوع وتكليف وفد مملكة البحرين بصياغة مقترح مشروع آخر يراعي المصالح الاستراتيجية للدول المعنية.
تحذيرات من حقوق سياسية للعمالة الآسيوية
التحرك الآسيوي الأخير، جاء ترجمة لتحذير أمني مبكر أطلقه الفريق أول ضاحي خلفان قائد شرطة دبي منذ سنوات، وبدا خياليا حينها، من أن يأتي يوم ينافس فيه الهنود أهل دولة الإمارات علي تولي الرئاسة تماما كما فعل أوباما في انتخابات الرئاسة الأميركية الأمر الذي تتحول معه دول الخليج إلي دول آسيوية. وذلك ضمن ملتقي الهوية الوطنية في أبو ظبي في العام 2008.
ويعلق الباحث والأكاديمي المتخصص في الشؤون الخليجية الدكتور محمد العريمي بالقول إن «ملف العمالة الآسيوية في دول الخليج الست ربما يشكل خطرا على منطقة الخليج العربي في المستقبل القريب». ويرجع العريمي خطورة الأمر إلى منطلقات عديدة ليست فقط سياسية ويقول «هذه العمالة بدت تتشكل بشكل منظم في السنوات القليلة الماضية، ولاحظنا في بعض الدول كيف كانت تتأثر بشكل مباشر بما يحدث في أوطانها الأم».
ويتابع في تصريحات خاصة إلى «خليجيون» «هذه التجمعات والأعداد الكبيرة التي صار لها فرصة وزمن طويل بعضها استمر لأكثر من 30 عاما، وسيكون لها استحقاقات سياسية واجتماعية، وربما تفرض نفسها واجندتها على الأنظمة والشعوب بالمنطقة»، مذكرا «بمواقف الهند غير الإيجابية مع القضايا العربية وأخرها حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة».
د.محمد العريمي: هذه التجمعات سيكون لها استحقاقات سياسية واجتماعية وستفرض نفسها على الأنظمة
في الوقت نفسه.ينبه الباحث السياسي إلى أن «هذا الملف شائك وقنبلة موقوتة في بعض دول الخليج من الناحية الديموغرافية من خلال الارقام التي تصدر من قبل مراكز الإحصاء في دول الخليج». ويلفت إلى «العمالة الأسيوية بدات تتجاوز أعداد المواطنين، ربما تُشكل أكثر من 50% نسبة مع اعداد مواطنين هذه الدول».
ووفقا لإحصاءات وزارة الخارجية الهندية، يعمل 3.5 مليون هندي في دولة الإمارات العربية المتحدة، بينما يوجد 2.5 مليون هندي في السعودية، ونحو 780 ألف هندي في سلطنة عُمان، و760 ألفا في دولة قطر، بينما يوجد نحو 332 ألف هندي في البحرين.
هل نحن مستعدون؟
وحسب تقارير دولية، فإن تفوق نسبة الآسيويين على العمالة القادمة من بلدان عربية خلال النصف قرن الأخير يعود لأسباب متعددة منها: قبولهم بالعمل مقابل أجور متدنية، وامتثالهم التام لأرباب العمل. كما أن شبكات الأصدقاء والأهل ممن استقروا بالمنطقة تعمل على استقدام أفراد جدد من نفس البلدان والمناطق. يضاف إلى هذا كله تنامي اللجوء إلى استخدام الأسيويين في المنازل كسائقين وطباخين وفي الخدمات المنزلية والعناية بالحدائق.
ويرى الدكتور على فخرو، المفكر السياسي أن «تواجد العمالة الآسيوية بهذه الأعداد الهائلة يمثل خطر شديد في المستقبل»، بل لا يستبعد فخرو أن «تقف البواخر الحربية الهندية على أبواب دول خليجية مطالبة بالجنسية وحقوق الانتخابات والمواطنة الكاملة » ويتساءل «هل نحن على استعداد لمواجهة هذا الأمر».
ويلقي فخرو باللائمة، في تصريح إلى «خليجيون» على «انظمة سياسية في دول الخليج تتعامل مع مستقبل بلادها بمنطلق الشركات التجارية، وبالتالي فإن استجلاب العمالة رخيصة يأتي حساب مستقبل الثقافة والهوية الخليجية».
د.على فخرو: إذا استمر الأمر.. سنرى البواخر الحربية الهندية على أبواب دول الخليج يطالبون بحقوق المواطنة الكاملة
ويرجح «حدوث مؤامرة حقيقية على دول الخليج العربي من إجل إخراجه من العروبة والإسلام من بوابة العمالة الاجنبية التي لا تربطها صلات بالعروبة»
ما الحل في تحدي العمالة الآسيوية؟
وفي حين تستمر المخاطر التي رصدها محللون، إلا أن البعض يرى بصيص أمل في حل.
ويقول الباحث والأكاديمي د.محمد العريمي «لا بد أن يكون هناك نوعا من الإحلال، خاصة مع انتشار التعليم ودخول النفط وغيره من الخدمات التي قدمت من قبل الحكومات والدول، ووجود كوادر وطنية يجب أن تتحمل مسؤوليتها اتجاه بلادها». ويلفت العريمي إلى أهمية التوازن والتنوع وأن لا يكون حصرا على فئة دون أخرى ويقول «هناك دول عربية وإسلامية يجب أن يكون لها نسبة من العمالة الوافدة»
في السياق ذاته يعتقد المفكر البحريني علي فخرو «ضرورة أن تعطي حكومات دول الخليج الأفضلية الأولى لمواطنيها عبر تحسين كفاءة النظم التعليمية والتدريب». وفي الوقت ذاته يقول «هناك الملايين من شباب الوطن العربي من حقهم أن نوظفهم في بلدان الخليج، لأنهم ينتمون إلى هذه الحضارة والثقافة العربية» ويستكمل «إذا استمرت الحاجة إلى العمالة من الممكن الأخذ بمقادير من آسيا وأوروبا، وذلك حسب الاحتياجات وبشكل متوازن».
ويؤكد علي فخرو أن «القضية تحتاج تغيير كامل ونظرة شمولية مرتبطة بافكار تقدمية عربية قومية إسلامية تحافظ على هذه المنطقة وتوحدها». وينوه إلى «أهمية أن تكون قرارات مجلس التعاون الخليجي موحدة ومشتركة».
أقرأ المزيد
ترامب يثير الجدل بتصريح صادم عن السعودية
شراكة اقتصادية بين الإمارات واليابان.. ماذا قال محمد بن زايد؟