لماذا تكره إسرائيل خان يونس؟
يكاد لا يمر يوم دون أن يستهدف جيش الاحتلال الإسرائيلي مناطق جديدة في خان يونس بقطاع غزة، وهو استهداف يعكس عداءً شديدًا من إسرائيل تجاه هذه المدينة، التي تُعد معقل يحيى السنوار، رئيس حركة حماس الحالي.
يفتح هذا الاستهداف الوحشي باب التساؤل حول أسباب العداء الشديد من قِبَل دولة الاحتلال وقادتها لخان يونس. وفي الآونة الأخيرة، أفادت تقارير بمقتل تسعة فلسطينيين على الأقل وإصابة آخرين إثر غارات شنها الجيش الإسرائيلي على مناطق عدة في قطاع غزة منذ فجر الجمعة. وأفادت مصادر طبية بمقتل أربعة أشخاص وإصابة آخرين، بينهم حالات خطيرة، جراء قصف استهدف منزلًا لعائلة أبو محمد شرق مدينة دير البلح وسط القطاع.
كما قصف الجيش الإسرائيلي منازل وموقعًا يأوي نازحين في كل من دير البلح وخان يونس (جنوب القطاع)، وألقى قنابل حارقة تسببت في نشوب حرائق في منازل بمخيم النصيرات، فيما استهدف قصف مدفعي جنوب مدينة غزة.
أسفر استهداف شاليه شحيبر، مقابل مصنع العودة غرب صلاح الدين في دير البلح، عن سقوط قتلى وعدد من الإصابات. كما أفادت تقارير بوقوع أربع إصابات جراء قصف من طائرة مسيرة إسرائيلية لعربة شمال شرق مخيم النصيرات وسط القطاع.
وفي خان يونس، قصف الطيران الإسرائيلي عدة مواقع، واستهدف منزلًا لعائلة أبو جزر في منطقة معن، شرقي المدينة، ما أسفر عن سقوط ثلاثة قتلى وعدد من الجرحى.
كما تحدثت مصادر محلية عن مقتل شخص وإصابة آخرين جراء قصف الزوارق الإسرائيلية لمجموعة من الصيادين غرب شواطئ السودانية شمال غرب مدينة غزة.
تواصل القوات الإسرائيلية عملياتها في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، ما أسفر عن مقتل 41، 788 مواطنًا، وإصابة 96، 794 آخرين، غالبيتهم من الأطفال والنساء. هذه الأرقام ما زالت غير نهائية، إذ لا يزال آلاف المفقودين تحت الأنقاض.
منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر الماضي، ركز جيش الاحتلال في البداية على شمال القطاع بزعم أنه معقل قيادة حركة "حماس". ولكن في الأسبوع الماضي، توسع القصف ليشمل جنوب القطاع، حيث تتعرض مدينة خان يونس لقصف مستمر.
أدى القتال العنيف في خان يونس والمناطق المحيطة بها إلى نزوح عشرات الآلاف من سكان القطاع، حيث فرت أكثر من 80% من العائلات من منازلها. كما أسفرت الحرب عن انقطاع إمدادات الغذاء والماء، وغيرها من المساعدات الحيوية.
في بداية الحرب، وزع الجيش الإسرائيلي رسائل حث فيها المدنيين على الانتقال إلى جنوب القطاع حفاظًا على سلامتهم. وعلى الرغم من المخاطر الكبيرة خلال الرحلة والاكتظاظ الشديد في الملاجئ، اتبع مئات الآلاف تلك الأوامر. ووفقًا للأمم المتحدة، نزح نحو 1.6 مليون شخص باتجاه الجنوب، أي أكثر من ثلثي سكان غزة.
ومع توسع العمليات البرية الإسرائيلية جنوبًا، طُلب من النازحين التحرك مجددًا إلى منطقة أصغر على طول الساحل، والمعروفة بمنطقة المواصي جنوبي القطاع. وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" إنه سجل نزوح 234 ألف شخص إلى خان يونس منذ بداية الاجتياح البري للشمال، يقيم بعضهم في مخيمات مؤقتة، بينما يتوزع الباقون على مدارس الأمم المتحدة و"الأونروا" والملاجئ الحكومية التي لا تكفي لاستيعابهم.
في ظل القصف الإسرائيلي المتواصل، أصبحت خان يونس، ثاني أكبر مدينة في القطاع، تُصور على أنها معقل لحركة "حماس"، بينما تتحرك الدبابات الإسرائيلية في منطقة مكتظة بمئات الآلاف من النازحين.
تشير تقارير إسرائيلية إلى اعتقاد قوي لدى القادة العسكريين بأن قيادات حماس تتواجد في مناطق جنوب غزة، خاصة في خان يونس ورفح، وهو ما قد يفسر توسع العمليات العسكرية نحو الجنوب. ووفقًا لشبكة "بي بي سي"، تسعى إسرائيل لتحقيق نجاح في الجنوب بعد فشلها في الشمال، حيث لم تتمكن من العثور على قيادات حماس تحت مستشفى الشفاء الذي استهدفته.
بينما ترتبط مدينة غزة بجذور حركة "حماس"، وخاصة في مخيم الشاطئ للاجئين، تُعتبر خان يونس معقلًا تاريخيًا لقادة الحركة، مثل يحيى السنوار ومحمد ضيف، الذين تتهمهم إسرائيل بالتخطيط لهجوم 7 أكتوبر. ولد كلا القائدين في مخيم خان يونس للاجئين، حيث وُلد السنوار عام 1962، وفقًا لتقرير "الغارديان".
الهدف من العمليات العسكرية الموسعة في الجنوب، وفقًا لما صرح به كبار ضباط الجيش الإسرائيلي، هو القبض على السنوار أو قتله، إلى جانب قيادات أخرى من الحركة. وأكد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، يوم الثلاثاء: "نحن نهاجم مركز الثقل. يتم سؤالنا بشكل متكرر عن الدمار في غزة. حماس هي العنوان، السنوار هو العنوان".