جدل في السودان بشأن نقل العاصمة المؤقتة من بورتسودان إلى عطبرة
تشهد الساحة السودانية حالة من الجدل المكثفة حول مسألة نقل العاصمة المؤقتة من بورتسودان إلى عطبرة، وسط تحديات أمنية واقتصادية تعصف بالبلاد.هذا القرار يبدو مُثيراً للجدل، حيث يفتح باب التساؤلات حول مدى استراتيجيته وما إذا كان ضرورة فرضتها الظروف الحالية.
وكشفت مصادر سودانية أن أسباب اللجوء إلى عطبرة كخيار محتمل تتمثل في الموقع الجغرافي الاستراتيجي حيث تقع عطبرة في وسط البلاد، مما يجعلها نقطة ربط مهمة بين الأقاليم السودانية عبر شبكة طرق وخطوط سكك حديدية متكاملة. هذا الموقع المركزي يمكن أن يسهّل حركة التنقلات العسكرية والإمدادات الحكومية، الأمر الذي يُعد ميزة لوجستية هامة في ظل الوضع المتوتر.
والقرب من مصادر الطاقة فعطبرة قريبة من سد مروي ومشاريع الطاقة المائية الأخرى، مما يضمن استدامة إمدادات الكهرباء والمياه التي تحتاجها المؤسسات الحكومية في ظل التحديات الاقتصادية الحادة التي يواجهها السودان. هذا العامل يخفف من الضغط على البنية التحتية ويُعزز استقرار عمليات الحكومة.
والتخفيف عن بورتسودان، باعتبارها الميناء الرئيسي للبلاد، تواجه حالياً ضغوطاً كبيرة بسبب التدفق الكبير للنازحين من مناطق النزاع والزيادة في الضغط على الخدمات الأساسية. نقل العاصمة المؤقتة إلى عطبرة قد يُخفف من العبء على بورتسودان، مما يُتيح لها التركيز على دورها كمركز اقتصادي واستراتيجي يربط السودان بالعالم الخارجي.
والرمزية الوطنية والتاريخية فلعطبرة أهمية تاريخية باعتبارها مركزاً للحركة العمالية والنضال ضد الاستعمار، فضلاً عن دورها المحوري في الثورة ضد نظام البشير في 2019. هذه الرمزية قد تُعطي القرار بعداً وطنياً قوياً، مما يعزز من شعبية الحكومة ويكسبها دعماً جماهيرياً. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يُعزز هذا القرار من صورة الحكومة العسكرية، كجهة تسعى لاستعادة الاستقرار وتعزيز الانتماء الوطني.
وأوضحت المصادر أن بُعد بورتسودان عن مناطق الداخل يجعل من الصعب تواصل الحكومة بشكل فعّال مع باقي الأقاليم السودانية، مما يُعقّد عملية صنع القرار وإدارة البلاد.ومع زيادة الضغط الناتج عن تدفق النازحين وتدهور الخدمات، يبدو منطقياً البحث عن عاصمة مؤقتة تكون أكثر قرباً واستدامة.
ونوهت المصادر إلى أن نقل العاصمة المؤقتة إلى عطبرة يُمكن أن يعزز الاستقرار المؤسسي ويوفر بيئة أكثر ملاءمة لعمليات الحكومة. قد يُعتبر هذا القرار ضرورياً على المدى القصير لحل المشكلات اللوجستية والأمنية، مع الحفاظ على بورتسودان كمنفذ اقتصادي حيوي.
في النهاية، يبقى السؤال حول مدى استدامة هذا القرار وما إذا كانت الظروف تسمح بتحقيق أهدافه على المدى الطويل. لكن في ظل الأوضاع الراهنة، يبدو أن خطوة نقل العاصمة إلى عطبرة قد تكون ضرورة استراتيجية تُعزز من قدرة السودان على مواجهة التحديات القائمة.