صندوق النقد الدولي يكشف تأثير التوترات الإقليمية على الاقتصاد الكويتي
كشف تقرير حديث لصندوق النقد الدولي عن تأثير التوترات الإقليمية في الشرق الأوسط على الاقتصاد الكويتي، حيث توقع أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي انكماشًا بنسبة 3.2% في عام 2024، إثر تخفيضات إضافية في الإنتاج النفطي نتيجة قرارات "أوبك بلس". ومع ذلك، توقعت المنظمة الدولية نموًا طفيفًا في القطاعات غير النفطية بنسبة 1.3% رغم الإجراءات الحكومية لضبط الأوضاع المالية.
وكان بنك الكويت المركزي قد أعلن عن انتهاء مهمة بعثة خبراء صندوق النقد الدولي في البلاد في إطار المشاورات الدورية السنوية، حيث أكدت البعثة أن مسار التعافي الاقتصادي قد تباطأ، وأن الاقتصاد الكويتي سجل انكماشًا بنسبة 3.6% في عام 2023، مع توقعات بأن يستمر هذا الاتجاه في 2024، ليصل إلى 3.2%.
وأفاد بيان صادر عن بنك الكويت المركزي، أن البعثة قامت بزيارة البلاد في الفترة من 24 سبتمبر إلى 8 أكتوبر 2024، في إطار المشاورات السنوية بموجب المادة الرابعة لاتفاقية إنشاء الصندوق. وأوضح أن هذه الزيارة شملت لقاءات مع كبار المسؤولين الحكوميين لمناقشة الأوضاع الاقتصادية والمالية والسياسية، إلى جانب السياسات النقدية وقطاع المصارف.
تباطؤ النمو النفطي والاقتصادي
حسب تقرير الصندوق، كان القطاع النفطي الأكثر تأثرًا، حيث انخفض إنتاج النفط بنسبة 4.3% في 2023، ما أدى إلى انكماش في الناتج المحلي الإجمالي. كما أشار التقرير إلى تراجع القطاعات غير النفطية بنسبة 1%، مدفوعًا بتراجع النشاط الصناعي وانخفاض أسعار النفط وكميات إنتاجه.
وفيما يتعلق بالتضخم، فقد أشار الخبراء إلى أن معدل التضخم السنوي انخفض إلى 3.6% في عام 2023، نتيجة انخفاض أسعار المواد الغذائية والتضخم الأساسي، وتوقعوا مزيدًا من التراجع في معدل التضخم ليصل إلى 3% في عام 2024 مع انخفاض الضغوط على الطلب.
الوضع المالي والاقتصادي
أما على صعيد الموازين المالية، فقد أشار التقرير إلى تراجع العجز المالي في الموازنة العامة للكويت إلى 3.1% من الناتج المحلي الإجمالي في 2023/2024، بعد أن كان الفائض المالي 11.7% في العام السابق. ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى انخفاض الإيرادات النفطية بنسبة 5.8% نتيجة تراجع أسعار النفط وكميات إنتاجه، إلى جانب زيادة الإنفاق العام بنسبة 9.7%.
وأشار التقرير إلى أن فاتورة الأجور والدعوم الحكومية تشكل نحو 5.7% و3.4% من الناتج المحلي على التوالي، ما يعكس العبء الكبير على الموازنة العامة.
آفاق الإصلاحات الاقتصادية
وفيما يخص الإصلاحات المالية والهيكلية، أوضح خبراء صندوق النقد الدولي أن الحكومة الكويتية تسعى إلى تنفيذ إصلاحات لدعم التحول إلى اقتصاد ديناميكي ومتنوع، مؤكدين أن هذه الإصلاحات تتطلب ضبطًا أكبر للإنفاق العام وزيادة الإيرادات غير النفطية. ومن بين هذه الإصلاحات، إدخال ضريبة القيمة المضافة وتوسيع ضريبة الشركات.
كما أشار الخبراء إلى أهمية تحسين بيئة الأعمال ومواءمة التعويضات وظروف العمل بين القطاعين العام والخاص لتعزيز فرص القطاع الخاص في استيعاب القوى العاملة المحلية، مشيرين إلى أن تحسين جودة التعليم ومواءمته مع احتياجات السوق سيكون له دور كبير في تعزيز التنويع الاقتصادي.
القطاع المصرفي وصحة النظام المالي
ورغم التحديات الاقتصادية، أكد التقرير على متانة القطاع المصرفي الكويتي بفضل السياسة النقدية الحصيفة التي يتبعها بنك الكويت المركزي. وأظهرت اختبارات الضغط أن القطاع المصرفي تجاوز جميع متطلبات "بازل 3"، مع بقاء معدلات القروض غير المنتظمة منخفضة.
كما أشاد التقرير بإدارة بنك الكويت المركزي للمخاطر النظامية، حيث أظهرت السياسة النقدية قدرة على الحفاظ على الاستقرار المالي في ظل التقلبات العالمية والإقليمية.
وفي ختام التقرير، دعا الصندوق إلى أهمية تعزيز التنويع الاقتصادي عبر تنفيذ إصلاحات شاملة، وتحقيق التناغم بين السياسة المالية والنقدية، مع التأكيد على ضرورة تسريع الجهود لتحسين الإحصاءات الاقتصادية والمالية لدعم اتخاذ القرارات وتحليل السياسات.