لماذا تتخلص المرأة من شعرها للخروج من الحالة النفسية السيئة؟
اعتادت بعض السيدات على حلاقة شعرهن اذا واجهن فترة صعبة، وقد أثارت الفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب موجة جدل واسعة خلال الأسابيع الماضية بعد ان ظهرت حليقة الرأس على خلفية انفصالها عن زوجها الفنان حسام حبيب، الا ان الفنانة المصرية لم تكن الأولى التي تقوم بهذه الخطوة.
وعلى الرغم من قيام ممثلات أجنبيات في السابق بحلق رؤوسهن لخدمة أدوار معينة، مثل ديمي مور ونتالي بورتمان وتشارليز ثيرون، يبدو أن الجدل يثار فقط عندما تكون رغبة المرأة وإرادتها هما الدافع وراء هذه الخطوة. وقد تدلّ الصدمة التي يبديها الجمهور إزاء المرأة حليقة الرأس في هذه الحالة على ما هو أعمق في نظرته إلى المرأة.
بريتني سبيرز
في شهر فبراير 2007، دخلت المغنية الأمريكية بريتني سبيرز إلى صالون لتصفيف الشعر في لوس أنجلوس، وطلبت من مصففة الشعر إستر توغنوتزي أن تحلق لها شعرها تماما.
وحين رفضت الأخيرة مخافة أن تُقاضى بسبب "تخريب صورة الفنانة"، تناولت سبيرز ماكينة الحلاقة ومررتها على رأسها لتحلق شعرها بالكامل، في حركة تمكن مصورو الباباراتزي من التقاطها، لتصبح إحدى الصور الأيقونية في الثقافة الشعبية حول العالم.
لا تزال صورة سبيرز التي تظهرها تضع ماكينة الحلاقة على رأسٍ عارٍ إلا من خصل قليلة لم تكن قد انتهت منها بعد، تُنشر على الإنترنت باستمرار، مربوطةً بالانهيار النفسي الذي أصابها في خضم مشاكل شخصية واجهتها آنذاك بعد انفصالها عن زوجها وقبيل انتزاعه حضانة طفليها ووضعها تحت وصاية والدها التي استمرت 13 عاما.
شيرين عبد الوهاب
وفي ديسمبر 2021، انتشرت صورة للمغنية المصرية شيرين عبد الوهاب وقد حلقت شعرها بعد أخبار عن انفصالها عن زوجها حسام حبيب. أثارت الصورة ضجة كبيرة حيث فسّر غالبية المعلقين خطوة الفنانة بسوء الحالة النفسية التي تمر بها.
وإذا كان إقدام المرأة على قص شعرها طالما رُبط بحالتها المزاجية، لكون الشعر جزء يسهل تغييره في جسد مائل إلى الثبات، يبقى وصم المرأة التي تقدم على خطوة كهذه بالاضطراب النفسي، مثيرا للجدل ويدل على أبعاد أخرى ذات طبيعة اجتماعية وثقافية.
جوي كينج
من دون سابق إنذار، تخلت الممثلة الأمريكية الرقيقة جوي كينج عن شعرها، وقصته بالكامل في عام 2019، وصرحت بأنها لم تكن مرتبطة بشعرها أو تحبه.
الأكثر من ذلك أنها أعلنت أنها شعرت بالفرح بعد قص شعرها، وأحست بالحرية لأنها لم تعد مضطرة لتصفيفه، وأصبحت توجه طاقتها لتجربة أشكال مختلفة من المكياج.
"مشهد قذر"
تذكر الكاتبة الأمريكية سوزان بروانميلر في كتابها "أنوثة" بعض النصوص لكتّاب طهرانيين في إنجلترا في القرنين السادس عشر والسابع عشر، تشدد على الفصل الضروري في مسألة الشعر بين الجنسين، على سبيل المثال، يرى كاتب المناشير فيليب ستابز أن الشعر الطويل للزوجة هو "علامة الخضوع" التي منحها الله لها أمام "زوجها وسيّدها". كذلك رأى كاتب مناشير آخر يدعى وليام براين أن الرب والطبيعة أعطيا النساء شعرا طويلا ليكون بمثابة "غطاء، وعلامة خضوع، وشارة طبيعية لتمييزهن عن الرجال"، معتبرا أن المرأة التي تقص شعرها عبارة تتحول إلى "مشهد قذر" و"تشبه الوحش إلى حد كبير".
وعلى الرغم من تفضيل الشعر الطويل للمرأة تاريخيا، كان ينبغي على هذا الشعر أن يكون في الغالب موضّبا. ففي عصور عدة، دلّ رفع الشعر وتوضيبه إلى الأعلى على حشمة المرأة وتمنعها على الرجال، حيث أن المرأة المتزوجة التي تسدل شعرها كان ينظر إليها بكونها "غير صالحة" لأنها تعلن -بواسطة شعرها- أنها متاحة جنسياً. ربما من هنا جاءت العبارة العربية الشهيرة: "دايرة على حل شعرها" لوصف المرأة المتحررة جنسيا.
مصادرة الذات
بالعودة إلى إطلالة شيرين الأخيرة، فهي تزامنت مع تصريحات حول طلاقها تقول فيها أنها أصبحت "غير محتلة أو مستعبدة"، هناك رأي تتبناه اخر يعتبر تخلّي المرأة عن شعرها هو إعلان انقلابها على صورتها الذكورية الدائمة كموضوعٍ للرغبة، تتخلّى عن خصلاتها الطويلة التي يُنظر إليها كعامل أوّلي في الغواية، تصادر شكلا محتكرا في العادة من قبل الرجل بواسطة الرأس العاري والذي يعتبر أحيانا دليلا على الفحولة. تعبر الخط الأحمر الذي يمثله الشعر كفيصل أساسي بين الذكورة والأنوثة. تقلب الأدوار الجندرية، وتعلن نفسها "ّذاتا" بعدما كانت "موضوعا".