إلى سمو الأمير محمد بن سلمان قبل قمة 11 نوفمبر: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا
على امتداد عمري أيقنت أنه في أوقات الأزمات والشدائد، تتجلى الحكمة وتظهر القيادة الرشيدة التي تقف بالحق وتستنهض الأمة نحو دروب السلام والكرامة، ولهذا برزت المملكة العربية السعودية بدعوة كريمة يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لعقد قمة عربية إسلامية مشتركة في 11 نوفمبر لمناقشة استمرار العدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية في قطاع غزة والجمهورية اللبنانية.
إن هذه الدعوة لم تأتِ من فراغ، بل جاءت ردًا على وضع ملتهب وصل إلى حافة الكارثة، حيث لم يعد هناك مجال لتحمل العبث والعدوان الإسرائيلي الذي ينتهك الحقوق الإنسانية والسيادة الوطنية للشعوب كما نرى بأعيننا.
بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، أثبتت المملكة العربية السعودية أنها تقف دائمًا إلى جانب الشعوب العربية والإسلامية في المحن والأزمات، فالدور السعودي الذي يبرز في هذه اللحظة الحساسة، يتجاوز مجرد التنديد إلى السعي الحثيث من أجل إيقاف الحرب والتخفيف من معاناة الشعوب المتضررة.
ولي أن أقول إن دعوة الأمير محمد بن سلمان لهذه القمة تجسد روح المسؤولية، وتؤكد مكانة المملكة كحاضنة للأمة الإسلامية ومركز قيادة يُستند إليه في الأوقات العصيبة.
ودعونا نؤكد على أنه بعيدًا عن المواقف السياسية حول أحداث السابع من أكتوبر، أو الاتفاق أو الاختلاف مع سياسات حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إلا أن ما تقوم به آلة الحرب الإسرائيلية اليوم يتجاوز الخلافات السياسية إلى مستوى حرب إبادة جماعية ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني.
تتواصل مشاهد قتل المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ بأبشع الطرق أمام أعين العالم أجمع، ومع ذلك يستمر هذا العدوان الغاشم الظالم دون رادع.. هذه الصور المروعة التي نتابعها، وإن كانت مؤلمة، فإنها في الوقت ذاته تحفزنا جميعًا للوقوف صفًا واحدًا ضد الظلم، ورفع صوت الحق لوقف هذه المجازر.
والحقيقة أنه لا يمكننا أن نغفل الجهود التي تبذلها جمهورية مصر العربية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأيضًا جهود دولة قطر بقيادة الأمير تميم بن حمد، اللذين يسعيان منذ اندلاع الحرب بكل ما أوتيا من قوة وموارد للتوصل إلى حلول تضمن وقف العدوان وتخفيف المعاناة عن الشعب الفلسطيني والشعب اللبناني. هذا الدور الدبلوماسي المهم الذي تقوم به الدول العربية الشقيقة يعكس مدى أهمية التكامل والتعاون بين الدول العربية في مواجهة التحديات، ويؤكد على وحدة المصير المشترك.
إن قمة 11 نوفمبر المرتقبة ليست مجرد اجتماع تقليدي، بل هي محطة مصيرية، ومن شأنها أن تُحدث فارقًا كبيرًا، ليس فقط في مسار الأحداث، بل أيضًا في إبراز وحدة الصف العربي والإسلامي في مواجهة العدوان الخارجي، فمن المتوقع أن تكون هذه القمة بمثابة منبر قوي يُعبر عن صوت العرب والمسلمين ويطالب بحقوق الشعوب في العيش بكرامة وسلام.
وصحيح إن مجلس التعاون الخليجي له دور كبير في هذه القمة، لكننا نأمل أن يكون صوته حاضرًا بقوة أكبر لمساندة المملكة ومصر وقطر في سعيهم لوقف العدوان.
وبالتأكيد، يتجه الأمل نحو الأمير محمد بن سلمان كقائد شاب يحمل رؤيةً طموحة ويملك القدرة على التأثير الإقليمي والعالمي.. إن الأمير ليس فقط مدافعًا عن حقوق المملكة، بل هو أيضًا حامي حقوق الشعوب المظلومة، وداعم لقضايا الأمتين العربية والإسلامية، فدعوته الصادقة لوقف هذه الحرب تعد نبراسًا للعالم الحر، وتقف شاهدة على التزام المملكة بدورها الإنساني والأخلاقي في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين.
في 11 نوفمبر، ستتجه قلوب المسلمين والعرب، بل وقلوب الإنسانية جمعاء، نحو المملكة العربية السعودية، وهم يترقبون هذا الموقف العربي الإسلامي الجامع الذي تطمح له الأمة بأسرها، وفي هذه اللحظة يا سادة، تبقى الآمال معلقة على حكمة القيادة السعودية وشجاعة الأمير محمد بن سلمان في مواصلة الدعوة لوقف هذه المجازر وإبادة الشعبين الفلسطيني واللبناني. وأكرر أن القمة القادمة تمثل أملًا كبيرًا للشعوب المستضعفة، فهي رسالة واضحة للعالم كله بأن الأمة العربية والإسلامية لن تصمت أمام الظلم، وأن صوت الحق سيعلو، مهما كانت التحديات.
وفي هذا السياق، نستحضر قول الله تعالى: "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا"، فهي دعوة من الله عز وجل للتكاتف والوحدة، لعل الأمة تستعيد قوتها وتصون حقوقها وتحقق آمالها في السلام والكرامة.
وختامًا، ندعو الله أن يوفق قادة الأمة المجتمعين في هذه القمة لتحقيق ما يصبو إليه كل عربي ومسلم من وقف نزيف الدم وحماية الأبرياء، كما نأمل أن تكون هذه القمة نقطة تحول جديدة تعيد للأمة العربية والإسلامية هيبتها وقوتها.
فضلا لا أمراً انشرها لتصل إلى أصحاب القرار عسى أن تساعد الكلمة في وقف هذه الإبادة التي يتعرض لها إخواننا في فلسطين ولبنان.