قصة الجنازة ويوم الحب المصري.. لماذا يحتفل المصريون بيومين للفلانتين؟
يحتفل العالم كافة يوم ١٤ فبراير من كل عام بيوم الحب «الفلانتين»، وينتظر العشاق هذا اليوم بفارغ الصبر للتعبير عن حبهم إلى شريكهم، ولكن المصريين يجدون أن يوماً واحداً للحب غير كاف، فنجد أنهم يخصصون يوم استثنائي وبنكهة مصرية، بخلاف اليوم العالمي، تحديداً في الرابع من نوفمبر من كل عام.
قصة الفلانتين
اطلق على يوم الحب اسم "فلانتين" على اسم كاهن مسيحي من روما، ويرجع تاريخ الاحتفال بعيد الحب العالمي في 14 فبراير، إلى يوم إعدامه، حيث انتصر للحب والمحبين فدفع حياته ثمنا، حيث قام بتزويج الجنود سرا إيمانا منه برسالة الكنيسة والإنسانية التي لا تمنع اقتران المحبين، ضاربا عرض الحائط بقرار الإمبراطور«كلوديوس» حاكم الإمبراطورية الرومانية في القرن الثالث الميلادي، الذي منع الجنود من الزواج حتى لا يشغلهم عن مهامهم الحربية، وذلك بعد ان تعرضت الإمبراطورية الرومانية في ذلك الوقت لانتشار «الطاعون»، ما أسفر عن وفاة آلاف شخص يوميا من بينهم الكثير من الجنود.
بعد تزايد عدد الموتى، زادت الحاجة إلى الجنود للقتال، وكان الاعتقاد السائد أن أفضل المقاتلين هم العزاب، فحظر الإمبراطور، كلوديوس الثاني، الزواج على الجنود.
وعقابا له اعتقل القديس فالنتين وأُرسِل بأمر من الإمبراطور إلى حاكم روما، الذي حاول معه بوعود كثيرة أن يحوله عن ترك المسيحية وعبادة الأصنام ولكنه فشل، فأمر بضربه ضربًا مبرحًا (بالهراوات والحجارة) ثم قطع رأسه في 14 فبراير حوالي سنة 270 م.
ويعود السر في ارتباط عيد الحب باللون الأحمر يرجع إلى قيام الجنود بإلقاء فالنتين بزهور حمراء فرحا بزواجهم وتقديرا لما فعله معهم، واللون الأحمر له دلالته في كل الثقافات حول العالم حيث يرمز في المجتمعات الشرقية إلى الرخاء وحسن الحظ والفرح خاصة عند اقترانه باللون الأبيض، فيما يرمز في الغرب إلى الطاقة والعمل والحب.
«شعب عاطفي» ورواية مصطفى أمين
وبالنسبة للمصريين واحتفالهم بيوم مختلف للحب، فسرت الدكتورة سهير لطفي، الرئيسة السابقة للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بالقاهرة، الأمر بأن الشعب المصري «بتكوينه الثقافي والتراثي، هو شعب عاطفي دائم البحث عن سبل للاحتفال بالحب بجميع مظاهره، فليس من الغريب أبدا أن يحتفل سنويا بعيد الحب مرتين».
وتكشف العديد من المصادر، أن السبب وراء اختيار المصريين تاريخ الرابع من نوفمبر، إلى رواية الكاتب والصحافي مصطفى أمين (1914-1997).
فقد ذكر موقع صحيفة الأهرام المصرية، أن السبب يعود إلى مقال لمصطفى أمين نشر في العام 1974 ويتناول قصة واقعية عاش أطوارها.
وقال المدير التنفيذي في مكتب دراسات الشرق الأوسط بباريس، أحمد يوسف لفرانس24، إن «المعلومات حول اختيار هذا التاريخ بعينه متضاربة، لكن لا شك أن مصطفى أمين هو من اختار التاريخ، وهو غالبا ما يختار تواريخ مرتبطة بحياته الشخصية مثل اختياره لتاريخ عيد الأم المصري، الذي أعتقد أنه تاريخ وفاة والدته».
بيتنا تقول سهير لطفي «لا أذكر تحديدا الأسباب وراء اختيار هذا التاريخ، ولكني أعتقد أن مصطفى أمين، هو وراءها، بحكم بصماته المتروكة دائما في أعياد المصريين، ومنها عيد الأم».
جنازة تحولت إلى عيد
وترجع مسألة تخصيص المصريين ليوم 4 نوفمبر للاحتفال بيوم الحب إلى فقرة بعنوان «فكرة» نشرها مصطفى أمين في العام 1974 في جريدة «أخبار اليوم» التي أنشأها هو وشقيقه علي أمين.
وفكرة أمين هي أن يكون يوم الرابع من نوفمبر من كل عام هو يوم للاحتفال بيوم الحب في مصر ولكن الحب بمعناه الواسع الشامل بدءا من حب الله والأسرة والجيران والأصدقاء والناس جميعا.
وكتب: «نريد أن نحتفل لأول مرة يوم السبت 4 نوفمبر بعيد الحب، حب الله وحب الوطن وحب الأسرة وحب الجيران وحب الأصدقاء وحب الناس جميعا (.. .) هذا الحب سوف يعيد إلينا كل فضائلنا ويبعث كل قيمنا، يوم كانت النخوة طابعنا والمروءة ميزتنا والشهامة صفتنا».
وتؤكد ابنته صفية مصطفى أمين في حوار نشرته صحيفة أخبار اليوم عام 2017 أن هذه الفكرة، مستلهمة من قصة نشر والدها تفاصيلها في مقال بنفس العدد من "أخبار اليوم" العام 1974 حيث روى الكاتب أنه شاهد، في هذا التاريخ أي الرابع من نوفمبر، جنازة في حي السيدة زينب بوسط القاهرة، فتعجب من وجود ثلاثة رجال فقط يسيرون في الجنازة، إذ من المعروف عن المصريين أنهم يشاركون عادة في الجنازات بأعداد وفيرة حتى ولو كان الميت لا يعرفه أحد.
فاختار أمين "فكرة" هذا التاريخ واقترح أن يكون عيدا للحب بهدف نشر السلام والمودة بين أفراد المجتمع، وليكون أيضا نافذة أمل للجميع للتخلص من همومهم.
وأكد أحمد يوسف بشأن اختيار مصطفى أمين لهذا التاريخ بالذات من أكثر الروايات مصداقية هي رواية ابنة الكاتب مصطفى أمين.
وبمرور الوقت انتقلت تلك الدعوة من مجرد "فكرة" للكاتب مصطفى أمين إلى انتفاضة للحب بين المصريين، وبات يوم 4 نوفمبر من كل عام عيدا للحب في مصر.