كيف نشرت الثورة الرقمية والانترنت الإرهاب والتطرف حول العالم؟
يعد الانترنت وشبكات التواصل الاجتناغي اكثر الادوات التي تستغلها الجماعات الارهابية لتنفيذ مخططاتها والتواصل مع خلاياها حول العالم ونشر رسائل دعائية بسهولة أكبر.
ورغم أنّ شبكة الإنترنت جلبت تغييراً إيجابياً يساعد على ربط العالم، إلا أنها لم تخلُ من سلبيات، ويمكن القول إنّ أحد أهم الجوانب السلبية هو استخدام المنظمات الإرهابية للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي الحديثة لتجنيد الإرهابيين.
وبدأ الاستخدام السلبي لشبكات الإنترنت الحديثة في أوائل السبعينيات، خلال الحرب الباردة، عندما كانت وزارة الدفاع الأمريكية قلقة بشأن الحد من ضعف شبكات الاتصالات الخاصة بها أمام الهجوم النووي فقررت اللامركزية في النظام بأكمله من خلال إنشاء شبكة مترابطة من شبكات الكمبيوتر.
تملك شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي عدداً من السمات العامة التي تتفاعل وتتراكم لتساعد في عمليات التجنيد والترويج للجماعات المتطرفة، فبحلول عام 2000 كانت جميع الجماعات الإرهابية تقريباً قد أقامت وجودها على شبكة الإنترنت
أتاحت المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية برنامج الشبكة العالمية للاستخدام العام في 30 أبريل 1993، وفي وقت لاحق، أتاحت إصداراً بترخيص مفتوح، وهي طريقة أكثر يقيناً لزيادة انتشاره إلى أقصى حد.
وسمحت هذه الإجراءات للإنترنت بالازدهار، حيث كانت المنظمة رائدةً في ابتكار تكنولوجيا الإنترنت، ابتداءً من أوائل ثمانينيات القرن الماضي.
وعقب التطوير والاستخدام من قبل الباحثين الأكاديميين تلذي استمر لقرابة 20 عاما توسعت شبكة الإنترنت بسرعة وغيرت طابعها عندما تم فتحها للاستخدام التجاري، وبحلول منتصف التسعينيات، كانت الشبكة تربط أكثر من (18، 000) شبكة خاصة وعامة ووطنية، مع زيادة العدد يومياً، وكان هناك حوالي (3.2) مليون حاسوب مضيف، وربما ما يصل إلى (60) مليون مستخدم منتشرين في جميع القارات السبع.
ورغم ازدهار وتطور شبكة الإنترنت التي تم الترحيب عالمياً بها باعتبارها رابطة للثقافات ووسيطاً للشركات والمستهلكين والحكومات للتواصل مع بعضها البعض، الا انها وفرت فرصاً لا مثيل لها لإنشاء منتدى يمكن فيه لمجتمع (القرية العالمية) وهو ما كان بمثابة فرصة كبرى للجماعات الارهابية.
ومع النمو الهائل في حجم الشبكة واستخدامها، فإنّ الرؤى الطوباوية للوعد بالإنترنت والعولمة اليومية الإيجابية تواجه تحديات بسبب انتشار المحتوى الإباحي والعنيف على شبكة الإنترنت واستخدام المنظمات والجماعات المتطرفة، والإرهابية من مختلف الأنواع للإنترنت.
ولدى شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي عدداً من السمات العامة التي تتفاعل وتتراكم لتساعد في عمليات التجنيد.ومن أبرز سمات شبكات الإنترنت التي يستغلها الإرهابيون:
• سهولة الوصول، ورقابة حكومية أقل.
• توفر جمهور ضخم منتشر في جميع أنحاء العالم.
• تأمين عدم الكشف عن هوية الاتصالات.
• تسمح بالتدفق السريع للمعلومات.
• توفر تطوير وصيانة غير مكلفة بوجود شبكة الإنترنت.
• تأمين بيئة متعددة الوسائط (القدرة على الجمع بين النص والرسومات والصوت والفيديو والسماح للمستخدمين بتحميل الأفلام والأغاني والكتب والملصقات).
طبعاً، هذه السمات لم تمر دون أن يلاحظها أحد من قبل الجماعات الإرهابية، بغض النظر عن توجهها السياسي من الإسلاميين والماركسيين والقوميين والانفصاليين والعنصريين والفوضويين: كلهم يجدون الإنترنت مغرياً.
واليوم تحتفظ جميع المنظمات الإرهابية Foreign Terrorist Organizations (FTOs) النشطة تقريباً والبالغ عددها (73) جماعة حسب تصنيف وزارة الخارجية الأمريكية السنوي، بالمواقع الإلكترونية، ويحتفظ العديد منها بأكثر من موقع ويب واحد وتستخدم لغات متعددة، ومختلفة، علماً بأنّ عدد الجماعات الإرهابية حسب هذا التصنيف يتغير سنوياً، إذ يخضع للمراجعة وإعادة التقييم حيث يمكن أن تخرج منه جماعات، أو تدخل إليه جماعات.
كيف يستخدم الإرهابيون الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي؟
ويعد تجنيد الإرهابيين وسيلة أو أسلوب من النشاط يلتمس من الأفراد المشاركة في حركة أو جماعة متطرفة أو ارتكاب أعمال غير قانونية لصالح الجماعة الإرهابية. وهناك طرق مختلفة، وإن كانت متداخلة في بعض الأحيان، يستخدم بها الإرهابيون الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. وهذه الطرق هي:
1- التجنيد والتعبئة: أعتقد بأنّ تنظيم داعش نجح في تنفيذ أضخم عملية تجنيد باستخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي في العصر الحديث. كما نجح التنظيم باستخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل أكثر فعالية بكثير مما استخدمه تنظيم "القاعدة" للوصول إلى جمهور أوسع من خلال أسلوب اتصال أكثر سهولة. ورداً على ذلك، تدفق عشرات الآلاف من الأشخاص من أكثر من (120) دولة إلى العراق وسوريا وليبيا للالتحاق بتنظيم داعش عام 2014.
2- الحرب النفسية: هناك عدة طرق للإرهابيين للقيام بذلك. على سبيل المثال، يمكنهم استخدام الإنترنت لنشر التضليل، وتقديم تهديدات تهدف إلى تأجيج الخوف والعجز، ونشر صور مروّعة للأعمال الإرهابية من هذا النوع، مثل القتل الوحشي بحرق الطيار الأردني النقيب معاذ الكساسبة على يد تنظيم داعش 2015، والصحفي الأمريكي دانيال بيرل عام 2002، في الباكستان على يد تنظيم القاعدة على يد خالد شيخ محمد العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر والتي أعيد تصوير شريط فيديو لها على العديد من المواقع الإرهابية.