تقارير تكشف تعاون طبي غير مسبوق بين علماء من مصر وإيران ولبنان وإسرائيل.. ما القصة والتفاصيل؟
كشفت تقارير إعلامية عن تعاون علمي فريد من نوعه بين أطباء من مصر وإيران ولبنان مع نظرائهم من إسرائيل، لإجراء دراسة طبية مشتركة بعنوان "الفوارق الصحية في الشرق الأوسط". الدراسة التي نشرها البروفيسور الإسرائيلي ألون هيرشكو، خبير الحساسية والمناعة ومدير قسم الطب الباطني بمستشفى "هداسا" الإسرائيلي، تمثل أول تعاون من نوعه بين باحثين من هذه الدول في مجال الصحة.
نقطة انطلاق التعاون
انطلق هذا التعاون العلمي خلال مؤتمر الأكاديمية الأمريكية للحساسية والمناعة الذي عُقد في واشنطن مطلع عام 2024، حيث اجتمع أطباء من الشرق الأوسط لعرض التحديات الصحية المشتركة. وأوضح البروفيسور ألون هيرشكو أن التعاون تم بوساطة رئيس الأكاديمية، مع الاتفاق على الابتعاد عن التصريحات السياسية والتركيز فقط على القضايا الطبية. وأشار إلى أن المناقشات أظهرت الرغبة المشتركة في مواجهة التحديات الصحية بعيدًا عن الصراعات السياسية.
نتائج الدراسة
تناولت الدراسة مقارنة بين الأنظمة الصحية في مصر وإيران ولبنان وإسرائيل، وسلطت الضوء على الفوارق الصحية وتأثير الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية على جودة الرعاية الصحية. كما رصدت الدراسة التباين في المؤشرات الصحية، مثل معدلات الوفيات، انتشار الأمراض المزمنة والحساسية، وتوفر الخدمات الطبية.
مصر: تحديات الكثافة السكانية وتفاوت الخدمات
أشارت الدراسة إلى أن الكثافة السكانية المرتفعة حول نهر النيل ودلتاه، حيث يعيش 95% من سكان مصر البالغ عددهم 113 مليون نسمة، تشكل ضغطًا هائلًا على الموارد الصحية العامة. ولفتت إلى التفاوت في معدلات وفيات الأطفال، حيث تسجل المناطق الريفية في صعيد مصر 42 حالة وفاة لكل ألف ولادة، مقارنة بـ 20 حالة وفاة في المناطق الحضرية.
إسرائيل: نظام صحي متطور لكن يعاني من عدم المساواة
استعرضت الدراسة النظام الصحي الإسرائيلي الذي يعتمد على "قانون التأمين الصحي الحكومي"، مشيرة إلى كونه متطورًا ويضمن تغطية صحية لجميع المواطنين. ومع ذلك، تواجه إسرائيل تحديات تتعلق بتفاوت توزيع الموارد بين المناطق المركزية والأطراف، وتفاوت متوسط العمر المتوقع بين السكان العرب واليهود.
لبنان: أزمة اقتصادية تعمق التحديات الصحية
وصفت الدراسة النظام الصحي اللبناني بأنه خاص وغير منظم، مما يجبر المواطنين على تحمل تكاليف العلاج من جيوبهم أو عبر شركات التأمين الخاصة. كما سلطت الضوء على تفاقم الأزمة الاقتصادية منذ 2019، حيث يعيش 44% من السكان تحت خط الفقر. وأشارت الدراسة إلى معدلات مرتفعة لأمراض الحساسية والجهاز التنفسي نتيجة تلوث الهواء وسوء الظروف البيئية.
إيران: فجوات في الرعاية الصحية بين الريف والحضر
أشارت الدراسة إلى أن النظام الصحي الإيراني يعاني من تفاوتات كبيرة في تقديم الخدمات بين المناطق الحضرية والريفية، مع تأثير مباشر للوضع الاقتصادي على متوسط العمر المتوقع وانتشار الأمراض المزمنة. كما أبرزت الدراسة ارتفاع معدلات الإصابة بالربو والتهاب الأنف التحسسي، خاصة في المناطق الأكثر فقرًا.
رسالة الدراسة: الصحة تتجاوز السياسة
أكد البروفيسور ألون هيرشكو أن هذه الدراسة تثبت إمكانية التعاون العلمي رغم التوترات السياسية والعسكرية في المنطقة، مشيرًا إلى أن هذا النوع من التعاون يعزز الفهم المشترك للتحديات الصحية، ويمهد الطريق لتحسين الرعاية الصحية لصالح المرضى في الشرق الأوسط.
تم عرض نتائج الدراسة في المؤتمر السنوي للجمعية الإسرائيلية للحساسية والمناعة السريرية، الذي عُقد مؤخرًا في مدينة القدس، وسط إشادة كبيرة بجهود الفريق الطبي المشترك.