الأمير محمد بن سلمان ومساعي رأب البيت الخليجي وتوحيد الصف العربي
بين حينٍ وآخر يعود الحديث عن مواقف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والتي يبرز من خلالها واحدا تلو الآخر شخصية حكيمة عاقلة، تعي مخاطر المرحلة، وتدرك أهمية الدور العربي والخليجي في مواجهة تلك المخاطر والتصدي لها بكل حزم وقوة.
ولعل أبرز المواقف التي كشفت عن شجاعة ورصانة بن سلمان، تلك التي تجلت في محاولاته لرأب البيت الخليجي وجمع الشمل حول كلمة واحدة، والتي كشفت عنها جولته لدول الخليج في نهاية العام المضي.
تلك الزيارة التي تصدرت الصحف العربية والخليجية، والتي تحدثت عن شجاعة بن سلمان وحرصه على جمع الصف وتوحيد الكلمة، خاصة وأنها أتت بالتزامن مع حالة من التوتر والصراع تشهدها المنطقة
زيارة بن سلمان إلى سلطنة عمان:
استهل الأمير محمد بن سلمان جولته الخليجية بزيارة إلى سلطنة عمان، والتي شهدت جولة مباحثات رسمية مع السلطان هيثم بن طارق، في قصر العلم، تناولت استعراض العلاقات الأخوية بين البلدين، كما تطرق الجانبان لبحث أوجه التعاون الثنائي بكافة المجالات، إلى جانب مستجدات الأحداث على الساحتين الإقليمية والدولية.
كما تم التوقيع على ثلاث مذكرات تفاهم في المجالات الإعلامية، تتعلق بتعزيز التعاون المشترك بين البلدين في مجالات الإعلام المرئي والمسموع والمقروء، ومجال إنتاج المحتوى الإعلامي وصناعة السينما، وتبادل الدراسات والبحوث الإعلامية، ومجال الأنباء وتبادل الأخبار والتقنية المتعلقة باستقبالها.
وكان السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان، قد استقبل في قصر العلم في مسقط، الأمير محمد بن سلمان، وأُجريت لولي العهد مراسم استقبال رسمية، حيث استعرض حرس الشرف، ثم عُزف السلامان الوطنيان للبلدين، فيما أطلقت المدفعية 21 طلقة ترحيباً بالضيف الكبير، بعد ذلك صافح ولي العهد مستقبليه من كبار المسؤولين في سلطنة عُمان، كما صافح سلطان عُمان أعضاء الوفد الرسمي المرافق لولي العهد.وبمناسبة زيارته التاريخية لمسقط، كرَّم سلطان عمان ضيفه ولي العهد السعودي، ومنحه وسام عُمان المدني من الدرجة الأولى اعتزازاً بالروابط الأخوية والعلاقات الممتازة والتعاون البناء، والذي يعدّ أحد أرفع الأوسمة العُمانية ويُمنح لملوك ورؤساء الدول وأولياء العهد ورؤساء الحكومات. كما أقام السلطان مأدبة غداء تكريماً لوليّ العهد، والوفد السعودي المرافق.
زيارة بن سلمان للعاصمة القطرية:
توجه الأمير بن سلمان إلى العاصمة القطرية الدوحة في أوائل ديسمبر الماضي، في زيارة كانت هي الأولى منذ اندلاع الأزمة بين قطر ودول الخليج عام 2017، حيث كان أمير قطر في مقدمة مستقبلي ولي العهد السعودي
واكتسبت الزيارة أهميتها من كونها جاءت بعد عودة العلاقات بين الدوحة من جهة والرياض وأبو ظبي من جهة أخرى إلى سالف عهدها بعدما تبنت دول مجلس التعاون الخليجي ومصر في القمة التي استضافتها مدينة العلا السعودية يوم 5 يناير بيانا أكد على وحدة الصف الخليجي ووضع مبادئ أساسية لحل المشاكل العالقة، مما أسفر عن انهاء الأزمة الخليجية المستمرة منذ 5 يونيو 2017.
تلك الزيارة التي رأي أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أنها ستعمق الروابط القوية، خاصة في ظل ظروف المنطقة، مشيرا إلى أن علاقات الأخوة والتعاون مع السعودية تقوم على أسس راسخة من المصير المشترك، مشيرا إلى أنه ناقش مع الأمير محمد بن سلمان سبل تعزيز التعاون بين البلدين.
وخلال الزيارة ترأس الأمير محمد بن سلمان، والشيخ تميم بن حمد آل ثاني، اجتماع المجلس التنسيقي السعودي القطري.
كما تم التوقيع على البروتوكول المعدل لإنشاء المجلس في أغسطس الماضي، على أن يكون برئاسة الأمير محمد بن سلمان والشيخ تميم بن حمد، ويعمل على الدفع بالعلاقات الثنائية.
زيارة سعودية إلى الامارات:
وقبيل زيارته للدوحة، كان ولي العهد السعودي قد توجه في زيارة للإمارات التقى خلالها محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
حيث أصدرت كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة بياناً مشتركاً في ختام زيارة ولي العهد السعودي، أكدا خلالها على تعزيز التعاون بين البلدين في مجالات مختلفة، وتوافق رؤيتهما حول عدد من الملفات الإقليمية.
كما أشاد الجانبان بالمستوى المتميز الذي يتسم به التعاون بينهما في المجالات السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية والتنموية، وبما تم تحقّيقه من تعاون وتكامل تحت رعاية مجلس التنسيق السعودي الإماراتي الذي تم إنشاؤه بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية وأخيه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة.
العلاقات الكويتية السعودية:
في ختام جولت الخليجية توجه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إلى الكويت، حيث كان ولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، على رأس مستقبلي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ثم استقبل أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، الأمير محمد بن سلمان في قصر بيان.
وقام أمير الكويت خلال الزيارة بتقليد ولي العهد السعودي قلادة "مبارك الكبير ووسام الكويت".
وقد ركزت الزيارة على بحث أفق التعاون الثاني والقضايا ذات الاهتمام المشترك وتوحيد المواقف في القضايا الإقليمية والدولية
كما شهدت الزيارة، تنظيم غرف تجارة وصناعة الكويت واتحاد الغرف التجارية السعودية، ملتقى الأعمال الكويتي السعودي والذي جاء بمشاركة من جهات حكومية وخاصة وأصحاب الأعمال في البلدين
وتضمن الملتقى توقيع 6 اتفاقيات شراكة ثنائية بين شركات سعودية وكويتية في مجالات التصنيع والطاقة والإنشاءات الهندسية والمقاولات.
كل تلك المحاور التي تركزت عليها جولة الأمير السعودي الخليجية كشفت عن شخصية قائد مستقبلي يهتم لأمور أمته العربية والخليجية، ويبذل قصارى مساعيه لرأب البيت الخليجي وتوحيد الصف وجمع الكلمة، وغيرها من الأمور التي من شأنها اعادة الأمن والاستقرار إلى المحيط العربي والخليجي، ودرأ كل محاولات الخلاف والاختلاف.