«دول الخليج ومصر».. تاريخ من الدعم والمساندة والعلاقات الاستراتيجية الراسخة
في مختلف الظروف التي مر بها وطننا العربي خلال القرن الماضي، كانت العلاقات المتينة بين دول الخليج ومصر سببًا في تماسك والوطن العربي، وخلال الأزمات المصرية كان هناك دورًا بارزًا لدول الخليج في انعاش الاقتصاد المصري وانتشاله من ازماته، وخاصة تلك الفترة التي أعقبت قيام ثورة الثلاثين من يونيو، حيث سارعت دول الخليج وعلى راسها السعودية والامارات والكويت إلى تقديم دعم مالي واقتصادي يساهم في تعافي الاقتصاد خاصة في ظل الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها مصر على يد جماعة الاخوان
وقد برهنت تلك المساعدات على عمق أواصر العلاقات التاريخية التي تجمع بين الدول العربية، والتي اكدت حرص الدول الخليجية على دعم مصر باعتبارها الشقيقة الكبرى، ولابد من دعمها في التصدي لأزماتها.
المساعدات الكويتية لمصر
كانت أول المساعدات الكويتية لمصر في سبتمبر 2013 عندما قامت الكويت بتحويل ملياري دولار إلى البنك المركزي المصري، كوديعة بدون عائد لمدة خمسة أعوام بهدف تعزيز احتياطي النقد الأجنبي المصري، الذي تراجع بشكل كبير منذ "25 يناير" 2011.
وفي نوفمبر من عام 2015 واصلت الكويت مساعداتها المالية لمصر من خلال تحويل مليار دولار، كمنحه لا ترد للبنك المركزي المصري بعد مفاوضات استمرت عام كامل بين الجانبين المصري والكويتي لتحويل آخر دفعات المساعدات المالية التي أعلنت عنها بجانب دولتي السعودية والإمارات بعد "30 يونيو".
كما ساهمت المنحة الكويتية في تقليص الآثار السلبية لرد وديعة قطرية بقيمة 2.5 مليار دولار، استحق أجل سدادها بعد أن استخدمت الحكومة المصرية قيمة المليار دولار في سداد جزء من تلك الوديعة، واستخدمت احتياطيات النقد الأجنبي في سداد الجزء المتبقي.
إلى جانب ذلك فقد ساهمت الكويت في حل أزمة الطاقة في مصر من خلال تقديم مساعدات بترولية بهدف تقليص الآثار السلبية لانقطاع التيار الكهربائي خلال 2013.
الصندوق الكويتي للتنمية
المساعدات الكويتية لمصر لا تتوقف على الدعم المالي المباشر، فقد كشفت وزارة التعاون الدولي في عام 2015 عن حصول مصر على نحو 2.1 مليار دولار قروضا من الصندوق الكويتي للتنمية الذي يترأسه رئيس مجلس الوزراء الكويتي، ويهدف إلى مساعدة الدول العربية والدول النامية عن طريق إمدادها بالقروض الميسرة وكذلك تقديم المنح اللازمة لتنفيذ برامج التنمية فيها.
ويتبنى الصندوق الكويتي برنامج على مدى 4 سنوات، يقدم بموجبه 200 مليون دولار لمصر سنويا، لتمويل مشروع أو اثنين وفقا لما يتفق عليه بين الجانبين المصري والكويتي، وترتكز استراتيجية التعاون الحالية على تمويل مشروعات الكهرباء والطاقة لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء بجانب السكك الحديدية.
وقد ارتبطت مصر بعلاقة وثيقة مع الصندوق الكويتي منذ إنشائه عام 1964، حيث قدم الصندوق لمصر 36 قرضا بقيمة 570.8 مليون دينار كويتي، تعادل حوالي 2.1 مليار دولار لدعم قطاعات حيوية هامة، مثل الكهرباء والطاقة والصناعة والنقل والمياه والصرف الصحي والغاز الطبيعي ومشروعات القطاع الخاص، الصغيرة والمتوسطة، أما فيما يتعلق بالمنح المقدمة من الصندوق خلال نفس الفترة فبلغت 7 منح بقيمة إجمالية 27 مليون دولار أمريكي.
المملكة العربية السعودية:
لقد لعبت المملكة العربية السعودية دورا بارزا في دعم الاقتصاد المصري منذ ثورة 25 يناير 2011 وحتى اليوم، مرورا بثورة 30 يونيو 2013، ما بين دعم الاحتياطي النقدي المصري، وأخرى بترولية، وثالثة لدعم البنية التحتية في مصر.
وقد قدرت المساعدات السعودية لمصر خلال العامين الأولين عقب ثورة يناير 3.75 مليارات دولار، حيث قدمت على عدة مراحل بدأت بـ500 مليون دولار، خصصت لدعم الموازنة، إلى جانب 500 مليون دولار أخرى في هيئة مساعدات بترولية، وصلت إلى ألف طن، تمثلت في غاز البترول المسال، فضلا عن تأمين احتياجات مصر من البنزين لسد احتياجات محطات الوقود والكهرباء في ذلك الوقت.
وفي أعقاب ثورة 30 يونيو، قدمت المملكة لمصر 5 مليارات دولار، ودعمت القاهرة باحتياجاتها الكاملة من البنزين بما قيمته مليار دولار، بجانب زيادة الاستثمارات السعودية في مصر، فضلا عن قرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن العزيز بتأمين احتياجات مصر من البترول لمدة 5 سنوات قادمة.
الإمارات العربية المتحدة:
كانت الإمارات على رأس الدول العربية التي أيدت الثورة المصرية "ثورة 30 يونيو"، حيث سارعت بتقديم مساعدات مالية وعينية بقيمة 3 مليارات دولار في إطار حزمة مساعدات خليجية لمصر بلغت 12 مليار دولار، وفي يوليو 2013 قدمت الإمارات مساعدات لمصر بـ3 مليارات دولار، بالإضافة لـ30 ألف طن سولار.
كما قامت الإمارات بتوقيع العديد من الاتفاقيات الاقتصادية خلال هذه الفترة، من بينها اتفاقية مساعدات خلال شهر أكتوبر 2013 بقيمة 4.9 مليار دولار.
فضلا عن اتفاقية المساعدات التي قدرت في تلك الفترة بقيمة مليار دولار وتوفير كميات من الوقود لمصر بقيمة مليار دولار أخرى، إلى جانب المشاركة في تنفيذ عدد من المشروعات التنموية في قطاعات اقتصادية أساسية في مصر من بينها بناء 25 صومعة لتخزين القمح والحبوب بهدف المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي لمصر وإنشاء أكثر من 50 ألف وحدة سكنية في 18 محافظة وبناء 100 مدرسة، إضافة إلى استكمال مجموعة من المشروعات في مجالات الصرف الصحي والبنية التحتية.
في مارس2015، أعلنت الإمارات خلال فاعلية في المؤتمر الاقتصادي المصري عن دعم مصر بـ4 مليارات دولار، بواقع إيداع مبلغ 2 مليار دولار في البنك المركزي، وتوظيف 2 مليار لتنشيط الاقتصاد عبر مبادرات اقتصادية.
وخلال الفترة من 2014 وحتى 2015 زودت الإمارات مصر باحتياجات بترولية بقيمة 8.7 مليار دولار.
وفى أبريل من عام 2016 قدمت الإمارات مساعدات لمصر بقيمية 4 مليارات دولار.
- دعم برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري
ولم تتوقف الإمارات في دعم الاقتصاد المصري عند هذا الحد، حيث قامت شركة موانئ دبي السخنة، إحدى الشركات الكبرى التي تمتلك موانئ على مستوى العالم، باتخاذ قرار تاريخي بالبدء في 1 فبراير 2016، بإلغاء التعامل بالدولار على الخدمات الأرضية المقدمة لأصحاب ومستلمي البضائع، والتعامل بالجنيه المصري، كما قدمت الإمارات في هذا العام وديعة مالية إلى مصر قدرها مليار دولار لدى البنك المركزي المصري لمدة 6 سنوات والتي ساهمت بشكل كبير في دعم سوق الصرف في مصر.
- الاستثمارات الإماراتية المباشرة في مصر
وتعد الإمارات ثاني أكبر دولة عربية في قائمة الدول المستثمرة بمصر، حيث بلغت الاستثمارات الإماراتية المباشرة في السوق المصرية 5.9 مليار دولار بنهاية 2018 خلال آخر 4 سنوات.
كما بلغ إجمالي التدفق الاستثماري الإماراتي إلى السوق المصرية خلال 2018، نحو 1.75 مليار دولار بنمو 25% مقارنة بعام 2017 حيث ارتفع حجم الاستثمارات الإماراتية بمصر لأكثر من 40 مليار درهم "10.9 مليار دولار" بنهاية عام 2017.
كما تجاوز عدد الشركات الإمارتية التي تعمل في مصر 877 شركة حتى نهاية 2018، تتنوع فيما بين 15 قطاعا اقتصاديا مختلفا، وفقا لإحصائيات مجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج.
إجمالي المساعدات الخليجية
وفقا لوزارة المالية المصرية، فقد قدرت المساعدات الخليجية لمصر بنحو 96 مليار جنيه، خلال العام المالي الماضي، تتمثل في منح نقديه بنحو 21 مليار جنيه "3 مليار دولار" من دولتي الإمارات والسعودية، ونحو 53 مليار جنيه منح عينيه في صوره مواد بترولية من بعض دول الخليج، إلى جانب نحو 20 مليار جنيه قيمه ما تم استخدامه من الوديعة الحكومية السابق الحصول عليها من دول الخليج في مطلع التسعينيات، وفقا لقرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 105 لسنه 2013.