بالمجان.. مصر تقدم "سفينة نوح" لأصحاب متلازمة داون
أعلنت مصر عن الانتهاء من تنفيذ أول مشروع نموذجي في الشرق الأوسط، والذي يهدف لإيواء وعلاج مرضى متلازمة داون بالمجان، ودمجهم في المجتمع، تحت اسم سفينة نوح "الفُلك".
وقد تم اختيار المشروع في مدينة طنطا عاصمة محافظة الغربية، التي تقع على بعد قرابة 93 كيلومتر شمال القاهرة، وبتصميم فني يشبه السفينة التي تسبح في البحر، لاضفاء جو من البهجة على الأطفال الذين يرتادون المكان.
من جانبه قال الأنبا بولا، مطران طنطا وتوابعها: "إن المشروع إنساني لأبعد حد، هو مشروع عالمي على أرض مصرية يهدف لخدمة فئة من أكثر الفئات احتياجا وبالمجان سواء على مستوى الإقامة الدائمة أو التردد للحصول على الخدمات المختلفة".
خبرات أوروبية
وأوضح المسؤول عن مشروع الفلك لرعاية أبطال متلازمة داون، : "إن أكثر ما يسعد أي إنسان هو إسعاد غيره ورؤية الابتسامة على وجهه. وكنت قد قمت بزيارة عدد من الدول الأوروبية لرؤية مشاريعهم كإيطاليا وسويسرا، وسجّلت كافة التفاصيل للاستعانة بها في مشروعنا، لتتم دعوتهم لرؤية ما تم على أرض مصر، لينبهروا بما تم تنفيذه لخدمة الناس".
ويقدم "الفُلك" خدمات العلاج والتأهيل والتدريب وتنمية المهارات لأصحاب متلازمة داون، من خلال الإقامة الدائمة لمن هم فوق سن 18 عاماً، أو من خلال التردد على المشروع لمن هم تحت سن الـ18 عاما.
ويهدف المشروع إلى تأهيل الأسر التي يتواجد فيها أبناء من أصحاب القدرات الذهنية الخاصة، للتعامل معهم بالشكل السليم، ودمجهم في المجتمع دون أي يشعر أي منهم أنهم أقل من الأسوياء.
سر اختيار الاسم
وحول اختيار "الفُلك" أو "سفينة نوح" كاسم للمكان، أوضح مطران طنطا وتوابعها: "أن كل من دخل الفُلك نجا وعاش، ونحن نريد أن ننقذ أكبر قدر من الأولاد ونسعى لأن نقدم لهم الخدمات المختلفة التي تعينهم وتجعلهم مؤثرين ومنتجين، حتى أن محتوى المكان بالداخل تم تنفيذه على هيئة الحيوانات والطيور".
بمتلازمة داون أصبح مذيعا ومعيدا في الجامعة
وأضاف المسؤول عن المشروع: "لقد تم تدريب عدد من القيادات، بجانب دعمهم للسفر لفترة طويلة في أوروبا لعمل المعايشة الكاملة، والتدرّيب على التعامل مع الأطفال بالشكل الأمثل والاحترافي، فضلا عن تجهيز عدد من الكوادر خلال الشهور الماضية لتنفيذ الخدمة للمنتفعين بأفضل شكل".
وشهد افتتاح المشروع أمس الثلاثاء، حضور البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، وكذلك الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، إلى جانب وزيرة الهجرة وشؤون المصريين في الخارج السفيرة نبيلة مكرم، والدكتورة نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي، فضلا عن عدد من كبار الشخصيات في مصر.
وقد وصف مطران طنطا وتوابعها ما حدث في الافتتاح بأنه شئ مفرح"، مؤكدا: "كان الاحتفال كبيرا، والأطفال كانوا فرحين للغاية بالمكان ويحتلفون به بجانب أهاليهم الذين جعولنا نسعد بما تم تنفيذه. ومن أهم المظاهر المبهجة أن جميع الجيران مسلمون، وعندما رأوا قداسة البابا تواضروس كانوا يطلقون الزغاريد امتنانا بوجوده".
وتابع الأنبا بولا: "سيتم استقبال الأمهات يوما كل أسبوع لشرح تفاصيل التعامل الأمثل مع أي فرد من أصحاب متلازمة داون، إلى جانب استضافة أي مؤسسة ترغب في مشروع مشابه، لتدريبها وتأهيلها لذلك".
ويتولى المشروع الجديد رعاية ذوي متلازمة داون بالمجان، وكذلك تأهيلهم وعلاجهم وتدريبهم وتعليمهم مختلف المهارات والحرف لدمجهم في المجتمع، من خلال عدد من المصانع والورش التي تم تنفيذها لكافة لأنشطة الإنتاجية، والممارسات الفنية المختلفة.
ويشمل"الفلك" الذي تم تنفيذه على مساحة 6332 متر مربع، عددا من الملاعب المفتوحة، وكذلك أحدث معامل التنمية الحسية والحركية القائمة على دراسات أجريت في إيطاليا وسويسرا لتطوير مهارات ذوي الاحتياجات الخاصة.
ملف طبي شامل
واشار مطران طنطا وتوابعها: " يتم عمل ملف طبي شامل للجميع، يشمل كافة القياسات الطبية، والاحتياجات المطلوبة لتقديمها له للارتقاء بحالته الصحية في العيادات التي تم تنفيذها سواء كعلاج طبيعي أو عيادات مختلفة أو الصيدليات أو من خلال غرف العزل. ما قمنا به هو تجهيز المكان بالصورة التي نفرح بها كمصريين".
ولفت المسؤول عن المشروع إلى أن: "من يرغب في التواجد في الفُلك عليه أن يقوم بملء الاستمارة، والتي ستتم مراجعتها من طرفنا، إلى جانب وضع أولوية للفئات الأكثر احتياجا. فالمبنى يسع لما يقرب من 140 فردا يقيمون فيه إقامة كاملة، بجانب استيعاب قرابة 200 متردد يومي".