ليبيا.. توجه لحل أزمة النفط مقابل تقاسم الإيرادات بين الحكومتين
قاربت أزمة النفط الليبي على الانتهاء بعد الاتفاق على الشفافية في تقاسم الإيرادات المالية بين الأقاليم الثلاثة، أي بين الحكومة المنتهية ولايتها برئاسة عبد الحميد الدبيبة والتي تحكم سيطرتها على إقليم طرابلس والحكومة المنتخبة من مجلس النواب برئاسة مجلس النواب والتي يمتد نفوذها على إقليمي برقة وفزّان.
وكانت وزارة النفط والغاز بحكومة الدبيبة، قد أعلنت أن استئناف الإنتاج في الحقول المتوقفة سيأتي خلال هذه الأيام، فيما فوض وجهاء وأعيان منطقة الهلال النفطي باشاغا تمثيلهم في التفاوض على شروط فتح الحقول والموانئ النفطية، مطالبين بحل القضايا الأساسية التي تسببت في غلق النفط، كما أكدوا أنهم يرفضون استئناف الإنتاج والتصدير قبل ترك رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة المشهد السياسي، وتسلم حكومة فتحي باشاغا السلطة في البلاد.
وكلن باشاغا قد توجه أول أمس الأحد، في زيارة إلى منطقة الهلال النفطي، طالب خلالها المعتصمين بإعادة العمل بالحقول النفطية واستئناف التصدير، بهدف الاستفادة من زيادة أسعار النفط في الأسواق العالمية، كما تعهد باغاشا بتقديم مشروع ميزانية الدولة إلى البرلمان خلال أيام، والعمل على زيادة القدرة الإنتاجية للنفط إلى نحو مليوني برميل يومياً خلال عام، بعد توفير الإمكانات اللازمة للمؤسسة الوطنية للنفط.
استئناف التصدير
وطالي باشاغا بضرورة استئناف التصدير على أن تتم إدارة الإيرادات بنزاهة وشفافية، بهدف تحقيق المنفعة على جميع الليبيين، كما وجه خطاب إلى المحتجين القبليين مؤكدا أنه يتم حاليا العمل بكل قوة وجدية على تقديم مشروع الميزانية لمجلس النواب، بحيث تأتي ميزانية عادلة وشفافة وواضحة جداً، تتضمن مبالغ مالية مخصصة لدعم البلديات بما يسهم في القضاء على المركزية وسهولة تقديم الخدمات لكل المواطنين، وأضاف: أن هناك اتصالات مكثفة مع عدة أطراف محلية ودولية تهدف لوضع آلية شفافة تضمن عدم استغلال الإيرادات النفطية والاحتفاظ بهذه الإيرادات في حسابات الدولة الليبية بعيداً عن الصراعات السياسية لنضمن أن تكون هذه الأموال لمصلحة عموم الشعب الليبي».
وطالب باشاغا بضرورة استئناف تصدير النفط وفق آليات قانونية منضبطة تحقق نزاهة وشفافية إدارة الإيرادات النفطية بشكل عادل لكل الليبيين، وأكد عدم التصرف في إيرادات النفط بشكل مخالف للقانون.
خسائر
وكانت ليبيا قد فقدت نحو 550 ألف برميل نفط يومياً بسبب الإغلاقات، بحسب المؤسسة الوطنية للنفط، من إجمالي 1.3 مليون برميل يومياً الإنتاج الإجمالي، فيما أكدت مصادر مطلعة أن اتفاقاً يجري التفاوض بشأنه، وسيتم الإعلان عنه خلال الأيام المقبلة وفق ضمانات دولية وأممية، ويتمثل بتقاسم إيرادات النفط بين الحكومتين في حالة عدم التوصل إلى توافق على تداول سلمي للسلطة بين الدبيبة وباشاغا.
من جانبها أوضحت أوساط قريبة من دوائر القرار الليبي، أن مشاورات تجرى يومياً مع عواصم إقليمية ودولية تسعى إلى التوصل إلى حل يعيد فتح المجال أمام ضخ النفط الليبي، وهذا الحل يقوم على مبدأ إنزال إيرادات النفط في حساب مستقل لمصرف ليبيا الخارجي لا يسمك بالتصرف فيه إلا من خلال الاتفاق بين الحكومتين، طالما أن الحكومة في طرابلس ترفض الاعتراف بالحكومة المنبثقة من مجلس النواب.
وفي السياق ذاته أكدت مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون ليبيا ستيفاني ويليامز، على ضرورة النأي عن استخدام إنتاج النفط باعتباره سلاحاً لأغراض سياسية، مشيرة إلى إنها أبلغت رئيس الحكومة المكلف من مجلس النواب فتحي باشاغا، خلال اتصال هاتفي بذلك الأمر، مؤكدة ضرورة «الحفاظ على الهدوء التام على الأرض في ظل تزايد الاستقطاب السياسي في البلاد».
وتابعت ويليامز أنها قامت بالتفاهم مع باشاغا على ضرورة إدارة عائدات النفط بطريقة شفافة وخاضعة للمساءلة بالكامل، مع توزيعها بشكل عادل على جميع الليبيين.
معاملة خاصة
ومن جانبه، صرح رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية المنتهية ولايتها، عبد الحميد الدبيبة إن المؤسسة الوطنية للنفط وشركاتها تتعامل معاملة خاصة، باعتبارها تمثل الحليب الذي يشرب منه الليبيون، أو البقرة التي تمثل الخير لليبيين، مشددا على أنها تستخرج خيرات ليبيا وتبيعها ثم تضع الإيرادات في البنك المركزي، وبعد أن وجه انتقادات لعملية إقفال الحقول والموانئ النفطية، تعهد باستخدام كل الوسائل للدفاع عن أموال الليبيين.
فيما يرى المراقبون وجود توافقات غير معلنة حول ضرورة توزيع الإيرادات النفطية بين الحكومتين المتنافستين، وأن قوى إقليمية ودولية تعمل في هذا الاتجاه.