الشيخ خليفة بن زايد.. .. قائد سفينة التمكين
فقدت الأمة العربية اليوم أحد رجالاتها العظام وقادتها البارزين الشيخ خليفة بن زايد ال نهيان رئيس دولة الإمارات العربية الشقيقة، الذي عمل لسنوات طويلة في خدمة قضايا الأمة من المحيط إلى الخليج، وساهم بجهد بارز وأثر غير منطور في دعم التعاون العربي المشترك، فقد كان بحق خير خليفة لأبيه حكيم العرب الشيخ زايد.
فور إعلان وفاته نعاه قادة العالم قائدا عظيما وشريكا قويا وصديقا عزيزا وبكاه العرب والمسلمون أخا وشقيقا وداعما ومساندا لقضاياهم، لذلك استحق الراحل الصدارة حيا وميتا.
الشيخ خليفة لم يكن مجرد رئيس لدولة بل قائدا عظيما قاد بلاده في مرحلة فارقة في عمرها وعمر المنطقة العربية كلها فهو تسلم الرئاسة من أبيه المغفور له بإذن الله الشيخ زايد في 4 نوفمبر 2004 لتنتهي مرحلة مهمة في تاريخ الإمارات ظلت نحو 35 عاما هي مرحلة التأسيس التي قادها المؤسس الشيخ زايد، وتبدأ مع الشيخ خليفة مرحلة جديدة هي مرحلة التمكين أستطاع خلالها الراحل العظيم أن يقود الإمارات طيلة 18 عاما مواصلا المسيرة ومحققا نهضة كبرى للبلاد، وحافظ على مكانة الإمارات كدولة فاعلة ومؤثرة في محيطها العربي والإقليمي والدولي، وأصبحت الإمارات في صدارة في مؤشرات التنافسية المقياس المعياري لتقدم الأمم وثاني أكبر اقتصاد في المنطقة العربية، كما أصبحت الإمارات في عهده اول دولة عربية واسلامية تصل الى المريخ وواحدة من دول قليلة لها السبق في عالم الفضاء
وكان الشيخ خليفة قد أطلق بعد توليه الحكم خطته الاستراتيجية الاولى لحكومة الامارات لتحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة وضمان تحقيق الرخاء للمواطنين
ففي عام 2005 أصدر بصفته حاكما لإمارة أبوظبي قانونا يقضي بإنشاء مجلس أبوظبي للتوطين الذي تولى مهمة دعم وتطوير استراتيجيات وخطط التوطين في القطاعين العام والخاص،
كما أصدر في العام 2005 أيضًا مرسوما بتأسيس الشركة الوطنية للضمان الصحي التي تتولى تقديم خدمات الضمان الصحي لجميع المواطنين والمقيمين في الإمارت ثم في العام 2006 أصدر قانونا اتحاديا يقضى بإنشاء المجلس الأعلى للأمن الوطني، بهدف تحقيق أمن الاتحاد وسلامته من جميع الجوانب الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية.
وفي العام 2006 أصدر في 15 أغسطس القرار رقم 3 لسنة 2006 بشأن تحديد طريقة اختيار ممثلي الإمارات في المجلس الوطني الاتحادي والذي نص على أن يكون تشكيل المجلس عن طريق انتخاب نصف الأعضاء من قبل هيئة انتخابية لكل إمارة تشكل بواقع 100 مضاعف لعدد المقاعد المخصصة للإمارة بالمجلس وفقا للدستور كحد أدنى.
زغب العام 2007 فشهد قرار إنشائه مؤسسة خليفة بن زايد للأعمال الخيرية، كما أصدر قانونا اتحاديا بإنشاء جهاز الإمارات للاستثمار على أن يكون الجهة المسؤولة عن استثمار الأموال المخصصة للاستثمار نيابة عن الحكومة الاتحادية.
وشهد العام 2008 تعيينه لأول قاضية إماراتية، فيما شهد العام 2009 إصدار قانون إنشاء مؤسسة الإمارات للطاقة النووية مدشنا بذلك البرنامج النووي السلمي الهادف لإنتاج الكهرباء ودعم التنمية الاقتصادية وتوفير العديد من فرص العمل لمواطني دولة الإمارات العربية المتحدة.
وخلال العام 2010 أصدر الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان مرسوما اتحاديا بإنشاء الهيئة الوطنية للمؤهلات تتبع مجلس الوزراء تعمل بالتنسيق مع الجهات المعنية على إنشاء وتطوير منظومة وطنية للمؤهلات العلمية في الدولة من خلال رسم خطط وسياسات بهذا الشأن.
وفي 2011 أمر رئيس الإمارات بإنشاء «صندوق خليفة لتمكين التوطين» بهدف توفير الموارد المالية اللازمة لدعم برامج وسياسات تشجع المواطنين على الالتحاق بسوق العمل خاصة القطاع الخاص وتمكينهم من استغلال فرص العمل التي يتيحها لهم هذا القطاع وتوفير التمويل اللازم لتنفيذ حزمة من الحوافز التي تسهم في تحقيق هذا الهدف.
أما ففي 2012، فأصدر مرسوما بإنشاء «كلية الدفاع الوطني» التي تختص بإعداد وتأهيل القيادات العسكرية والمدنية ورفع قدراتهم على تحديد وتقييم تحديات الأمن الوطني والإقليمي والدولي.
فيما دشن في العام 2013 مشروع «شمس 1» للطاقة الشمسية المركزة في منطقة الظفرة من إمارة أبوظبي التي تعد أكبر مشاريع الطاقة الشمسية المركزة العاملة على مستوى العالم.
وسجل العام التالي (2014) دخول الإمارات بشكل رسمي السباق العالمي لاستكشاف الفضاء الخارجي، عبر إعلان الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة إنشاء وكالة الإمارات للفضاء، وبدء العمل على مشروع إرسال أول مسبار عربي وإسلامي إلى كوكب المريخ، بقيادة فريق عمل إماراتي، في رحلة استكشافية علمية تصل إلى الكوكب الأحمر خلال السبع سنوات المقبلة، وتحديدًا في العام 2021.
ولما كان العام 2015 اعتمد الشيخ خليفة السياسة العليا لدولة الإمارات في مجال العلوم والتكنولوجيا والابتكار والتي تضمنت 100 مبادرة وطنية في القطاعات التعليمية والصحية والطاقة والنقل والفضاء والمياه يصل حجم الاستثمار فيها أكثر من 300 مليار درهم.
وفي العام 2016 أصدر أول قانون من نوعه للقراءة يضع أطرا تشريعية وبرامجا تنفيذية ومسؤوليات حكومية محددة لترسيخ قيمة القراءة في دولة الإمارات بشكل مستدام، وذلك في بادرة حضارية وتشريعية غير مسبوقة في المنطقة.
وفي 2017 اختار الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان أن يكون هذا العام للخير في دولة الإمارات، وليكون تركيز العمل خلاله على ثلاثة محاور رئيسة: ترسيخ المسؤولية المجتمعية في مؤسسات القطاع الخاص لتؤدي دورها في خدمة الوطن والمساهمة في مسيرته التنموية، وترسيخ روح التطوع وبرامجه التخصصية في فئات المجتمع كافة لتمكينها من تقديم خدمات حقيقية للمجتمع، والاستفادة من كفاءاتها في المجالات كافة، وترسيخ خدمة الوطن في الأجيال الجديدة كإحدى أهم سمات الشخصية الإماراتية.
وحمل العام 2018 شعار «عام زايد»، ليكون مناسبة وطنية تقام للاحتفاء بالقائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بمناسبة ذكرى مرور 100 سنة على ميلاده
وفي العام 2019 أعلنته دولة الإمارات عامًا للتسامح، بهدف إبراز دولة الإمارات عاصمة عالمية للتسامح، وتأكيد قيمة التسامح باعتبارها امتدادًا لنهج زايد مؤسس الدولة، وعملًا مؤسسياً مستداماً يهدف إلى تعميق قيم التسامح والحوار وتقبل الآخر والانفتاح على الثقافات المختلفة
وفي 20 يوليو عام ٢٠٢٠، وبناء على توجيهات الشيخ خليفة انطلق مسبار الأمل من مركز «تانيغاشيما» الفضائي في اليابان على متن صاروخ الإطلاق «إتش 2 إيه» في رحلته التاريخية لاستكشاف المريخ، ليصل مسبار الأمل في أول مهمة عربية وإسلامية لاستكشاف الكوكب الأحمر إلى مدار كوكب المريخ في الربع الأول من العام 2021 بالتزامن مع احتفالات دولة الإمارات بالذكرى الخمسين لقيام الاتحاد.
وخلال جائحة كورونا التي اجتاحت العالم في مطلع عام ٢٠٢٠، أصدر الشيخ هليفة العديد من التوجيهات والقرارات بتسخير الإمكانات كافة لدعم الجهود الوطنية لمكافحة هذا الفيروس، إلى جانب مراعاة ظروف المقيمين وتذليل كافة العقبات التي تواجههم، ومن بين تلك القرارات ما وجه به صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، مجلس الوزراء بإصدار قرار بإعفاء جميع المخالفين لقانون دخول وإقامة الأجانب من كافة الغرامات المترتبة عليهم متى ما وقعت المخالفة قبل الأول من مارس لهذا العام، سواء كانوا من حملة أذونات وتأشيرات الدخول أو كانوا من فئة المقيمين.
وقبل رحليه بفترة قصيرة وفي العام الماضي تحديدا أصدر قرارا بشأن اعتماد المبادئ الـ10 لدولة الإمارات العربية المتحدة للـ50 عاماً المقبلة.
والتي تضمنت: الأولوية الرئيسة الكبري ستبقي لتقوية الاتحاد من تطوير مناطق الدولة وغيرها، التركيز على بناء الاقتصاد الأفضل ولأنشط في العالم، السياسة الخارجية للدولة وعلى رأسها المصالح الاقتصادية، رأس المال البشري وتطوير التعليم هو محرك المستقبل للنمو، حسن الجوار والاستقرار، ترسيخ السمعة العالمية للإمارات، التفوق العلمي والعملي للدولة، الانفتاح والتسامح وحفظ الحقوق، المساعدات الإنسانية والخارجية لدولة الإمارات، الدعوه للسلم والسلام والمفاوضات).
وقد أعلن الشيخ خليفة 2021 «عام الخمسين» في الدولة، وذلك احتفاء بالذكرى الـ50 لتأسيس دولة الإمارات في 1971، للاحتفاء بالرّحلة الإنسانية الفريدة للخمسين عامًا الأولى من تاريخ دولة الإمارات، والإعداد للتحوّل الفاعل والمُستدام للخمسين عامًا القادمة.
وتتمحور الأنشطة المتعلّقة بعام الـ 50 حول أربعة ركائز رئيسية هي- إطلاق عام الخمسين بروح احتفالية تشمل كلّ من يعتبر دولة الإمارات وطنًا له، - دعوة أبناء الوطن للتأمّل في قيم وإنجازات الماضي تكريمًا للآباء المؤسسين، إلهام الشباب لوضع تصوّراتهم حول طموحات الخمسين عامًا القادمة ودعمهم بالأدوات اللازمة لخلق المستقبل، دعم المبادرات طويلة المدى والسياسات المؤثرة لتمكين أبناء الدولة والمقيمين من القيام بدورهم