دول الخليج رمانة الميزان في الصراع الدائر بين أمريكا وروسيا
تسعى دول مجلس التعاون الخليجي لأن تكون رمانة الميزان في الصراع الدائر بين الغرب بقيادة أمريكا من جهة والإتحاد الروسي من ناحية أخرى، وقد ظهر جليا المواقف المحايدة التي اتخذتها العواصم الخليجية منذ اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا، حيث لم تنضم إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، معلنة في الوقت نفسه التأكيد على سيادة الدول والالتزام بالقوانين والمواثيق الدولية وعلاقات حسن الجوار التي تربط بين الدول، كما رفضت الدخول في الاصطفاف ضد روسيا واللجوء إلى تنفيذ العقوبات الغربية على موسكو.
كما استطاعت دول الخليج في أزمة أوكرانيا ان تحتفظ بعلاقات جيدة ومتوازنة مع الغرب والشرق، فقد احتفظت بعلاقاتها الوطيدةمع أمريكا، وهوما تعكسه التصريحات الكثيرة التي تخرج من واشنطن ومن دول الخليج حول تميز العلاقات الأمريكية الخليجية، كما لم تعادي العواصم الخليجية روسيا.
في هذا الإطار جاء عقد الاجتماع الوزاري المشترك الخامس للحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية وروسيا الاتحادية الذي جرى بالمملكة العربية السعودية، حيث ترأس صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير خارجية -رئيس الدورة الحالية- الجانب الخليجي، بينما ترأس الجانب الروسي معالي وزير خارجية روسيا الاتحادية سيرجي لافروف.
وجرى خلال الاجتماع الذي شارك فيه أصحاب السمو و المعالي والسعادة وزراء خارجية دول مجلس التعاون، ومعالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور نايف فلاح مبارك الحجرف، استعراض العلاقات الخليجية - الروسية، وأبرز الموضوعات ذات الاهتمام المشترك على الساحتين الإقليمية و الدولية، وسبل خدمة المصالح المشتركة
وقد أوضحت دول مجلس التعاون الخليجي، الموقف الموحد للأعضاء من ملف الأزمة الأوكرانية وروسيا وذلك في البيان الختامي لاجتماع المجلس على مستوى وزراء الخارجية.
وفيما يلي ملخض الموقف وفقا لما نقلته وكالة الأنباء السعودية الرسمية:
أكد المجلس الوزاري على أن موقف مجلس التعاون من الأزمة الروسية الأوكرانية مبني على مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، والحفاظ على النظام الدولي القائم على احترام سيادة الدول وسلامة أراضيها واستقلالها السياسي، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وعدم استخدام القوة أو التهديد بها.
أكد المجلس الوزاري دعمه لجهود الوساطة لحل الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، ووقف إطلاق النار، وحل الأزمة سياسياً، وتغليب لغة الحوار، وتسوية النزاع من خلال المفاوضات، ونوه المجلس الوزاري بالمساعدات الانسانية والإغاثية التي قدمتها دول مجلس التعاون لأوكرانيا.
كما عبر المجلس الوزاري عن دعمه لكافة الجهود لتسهيل تصدير الحبوب وكافة المواد الغذائية والإنسانية من أوكرانيا للمساهمة في توفير الأمن الغذائي للدول المتضررة
وفي نفس اليوم عُقد عبر الاتصال المرئي، الاجتماع الوزاري المشترك بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية وجمهورية أوكرانيا وترأس صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، وزير خارجية - رئيس الدورة الحالية- الجانب الخليجي، بينما ترأس الجانب الأوكراني معالي وزير خارجية جمهورية أوكرانيا دميترو كوليبا.
وجرى خلال الاجتماع الذي شارك فيه أصحاب السمو و المعالي وزراء خارجية دول مجلس التعاون، و معالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور نايف فلاح مبارك الحجرف، استعراض العلاقات الخليجية - ألأوكرانية، و أبرز الموضوعات ذات الاهتمام المشترك على الساحتين الإقليمية و الدولية و سبل خدمة المصالح المشتركة.
من جانبه أكد وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، أن دول مجلس التعاون الخليجي أكدت أنها لن تنضم إلى الغرب في فرض عقوبات على روسيا وقال لافروف في مؤتمر صحفي عقب اجتماع مع وزراء دول مجلس التعاون الخليجي: “شركاؤنا في الخليج أكدوا أنهم لن ينضموا إلى العقوبات على موسكو”.
وأضاف أن "روسيا لا تقف ضد "الناتو" أو "الاتحاد الأوروبي" إلا أن على المجتمع الدولي أن يقف في صف تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي التي أجمع عليها أعضاؤه الدائمون".
وردا على سؤال بشأن تصدير الحبوب قال الوزير الروسي، إن القضية أصبحت واضحة الآن في أن الألغام التي زرعها النظام الأوكراني هي من تقف في وجه تصدير الحبوب من أوكرانيا، علاوة على أن السفن التي تنقل الحبوب الروسية، وكذلك شركات التأمين التي تؤمن على السفن الروسية، تقع ضمن إطار الحظر الذي يفرضه الغرب على روسيا.
وقال لافروف: «تحاورنا مع الأمين العام لمنظمة مجلس التعاون الخليجي وناقشنا خطة عمل للتعاون بين روسيا ودول المجلس حتى عام 2025» مشيرا الى أن المحادثات اكدت «ضرورة مكافحة الإرهاب وخصوصا الأيديولوجيات المتطرفة» كما تطرقت الى «العلاقات بين دول الخليج وإيران».
وشدد على أن الدول الغربية تخالف ميثاق الأمم المتحدة بتصرفاتها ضد بلاده، داعياً إلى ضرورة سحب السلاح الثقيل من أوكرانيا.
وبشأن الحزمة السادسة من العقوبات ضد روسيا، صرح لافروف بأنه مع ارتفاع أسعار نواقل الطاقة، توصل بعض السياسيين الأوروبيين أخيرا إلى أن روسيا أصبحت تكسب أكثر من العام الماضي. وتابع قائلا: «دعهم إذن يستنتجون ما تسفر عنه العقوبات التي يفرضونها ضد روسيا».
وكان وزير الخارجية السعودي بحث مع لافروف قبل الاجتماع الخليجي - الروسي مستجدات الأوضاع في المنطقة والعالم والجهود المبذولة تجاهها. وأكد وزير الخارجية السعودي على موقف المملكة المبني على أسس القانون الدولي ودعمها للجهود الهادفة للتوصل إلى حل سياسي ينهي الأزمة في اوكرانيا ويحقق الأمن والاستقرار، مشيرا الى أن المملكة على استعداد لبذل الجهود اللازمة للمساهمة في التوصل إلى حل سياسي للازمة. ومن جانبها قالت الخارجية الروسية: إن الوزيرين أشادا بمستوى التعاون داخل منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك»
من جانبه قال الخبير في العلاقات الدولية، السفير حسين هريدي، إن زيارة وزير خارجية روسيا إلى السعودية واجتماعه مع وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي، وكذلك اللقاء الافتراضي الخليجي مع وزير خارجية أوكرانيا، يمثل دبلوماسية رصينة من جانب دول مجلس التعاون
وأضاف هريدي أن "العلاقات بين روسيا ومجلس التعاون الخليجي بصفة عامة، وبين موسكو والرياض وموسكو وأبوظبي بصفة خاصة، شهدت خلال الأعوام الماضية حراكا إيجابيا يعكس مصلحة الأطراف وتعزيز العلاقات واعتبر هريدي أن اللقاء مهم من وجهة نظر الأطراف كلها، لأنه يسمح لها بمناقشة جدول أعمال ثري، خاصة حول أوكرانيا، حيث انتهز لافروف الفرصة لشرح آخر تطورات الأزمة، وكذلك وجهة نظر بلاده لسبل إنهاء الحرب وطلباتها لسحب قواتها وأشاد هريدي بتأكيد وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، على الموقف العربي والخليجي لوضع حد وإنهاء هذه الحرب وعدم التصعيد والسعي لمفاوضات جادة للتوصل لاتفاق سلام بين روسيا وأكرانيا، يقنن الأوضاع ويحفظ أمنهما.