أوراق كثيرة في المنطقة لم تعد بيد واشنطن..

بايدن في الشرق الأوسط.. زيارة متأخرة إلى منطقة شديدة التعقيد

بايدن في الشرق الأوسط.. زيارة متأخرة إلى منطقة شديدة التعقيد
جوبايدن
علي مقلد

يبدأ الرئيس الأمريكي جو بايدن اليوم الأربعاء زيارة رسمية إلى الشرق الأوسط، تشمل إسرائيل والضفة الغربية والمملكة العربية السعودية، وهي زيارة تأخرت كثيرا، فمنذ انتخاب بايدن وحتى اليوم مضى نحو عام ونصف، وربما اضطر سيد البيت الأبيض العجوز لتلك الزيارة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، في محاولة منه للتصدى للتوسع في العلاقات بين بلدان المنطقة من ناحية وروسيا والصين من ناحية أخرى، ورغم تفاؤل البعض في أمريكا وخارجها حول نتائج تلك الزيارة لكن الواقع على الأرض يؤكد أن أوراقا كثيرة في المنطقة لم تعد بيد واشنطن أو على الاقل لم تعد قادرة على تحريكها كما كان في السابق.

وأعلن المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس أن "الرئيس جو بايدن، يبدأ اليوم الأربعاء، زيارة إلى منطقة الشرق الأوسط، يرافقه وزير الخارجية أنتوني بلينكن وأضاف أن "بلينكن سيرافق الرئيس جو بايدن اليوم في زيارته إلى إسرائيل والضفة الغربية، على أن يتوجها إلى المملكة يومي 15 و16 يوليو الجاري كما أضاف أن بايدن سيجري مشاورات مع المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين قبل التوجه إلى السعودية.

وكانت وكالة الأنباء الرسمية السعودية (واس)، قد أكدت أنه "بدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وتعزيزاً للعلاقات الثنائية التاريخية والشراكة الاستراتيجية المتميزة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية، والرغبة المشتركة في تطويرها في المجالات كافة، يجري الرئيس جو بايدن زيارة رسمية إلى المملكة يومي 15 و16 يوليو 2022".

ومن المقرر أن يلتقي الرئيس بايدن خلال الزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، لبحث أوجه التعاون بين البلدين الصديقين

أما عن جدول الزيارة في يومها الثاني فيتضمن حضور الرئيس الأمريكي قمة مشتركة دعا إليها خادم الحرمين الشريفين، قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ورئيس وزراء العراق مصطفى الكاظمي.

وكان الرئيس الأمريكي قد أكد أن المملكة العربية السعودية تعد شريكاً استراتيجياً للولايات المتحدة منذ 80 عاماً. وقال: "عندما سألتقي القادة السعوديين يوم الجمعة، سيكون هدفي تعزيز الشراكة الاستراتيجية".

ولفت شبكة "سي ان ان " النظر إلى أن كبار مستشاري البيت الأبيض صوروا رحلة الرئيس بايدن الأولى إلى الشرق الأوسط على أنها لحظة حاسمة لإعادة الانخراط أو إعادة إنفاذ دور الولايات المتحدة في منطقة ذات أهمية استراتيجية في العالم، أمر أصبح أكثر وضوحًا على مدار الأشهر العديدة الماضية في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.

فيما رأت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن الرئيس الأمريكي جو بايدن سيجد منطقة الشرق الأوسط وتغيرت فيها التحالفات والأولويات والعلاقات مع الولايات المتحدة بشكل كبير، عن ما كانت منذ آخر زيارة له قبل ست سنوات.

وقال كاتب الرأي باتريك كينجسلي في مقال، إن بايدن والذي يزور منطقة الشرق الأوسط في أول زيارة له كرئيس للولايات المتحدة، لن يجد الوضع مثلما كان عليه الحال عندما كان نائبا للرئيس، في رحلته الرسمية الأخيرة عام 2016.

ووفقا لكيسنجلي فإنه في آخر زيارة له لإسرائيل، كانت الأخيرة تربطها علاقات دبلوماسية بدولتين عربيتين فقط، هما مصر والأردن، إلا أن تل أبيب باتت الآن جزءً لا يتجزأ من النظام الدبلوماسي للشرق الأوسط بعد عدة اتفاقيات سلام توسطت فيها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب وأدت إلى إقامة علاقات بين إسرائيل وثلاث دول عربية أخرى هي الإمارات البحرين والمغرب.

وأشار كاتب المقال، إلى أن بايدن سيلتقي في الضفة الغربية مسئولين فلسطينيين، فيما توقع محللون ودبلوماسيون أن يعلن الرئيس الأمريكي عن دعم اقتصادي جديد، دون تطورات كبيرة في العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية.

من جانبه كتب الرئيس الأميركي جو بايدن مقالاً بجريدة «واشنطن بوست» قبيل الزيارة تحت عنوان: «لماذا أنا ذاهب إلى المملكة العربية السعودية؟».

وفي المقال الذي نشر على موقع الجريدة مساء السبت، قال بايدن: سأسافر إلى الشرق الأوسط لبدء فصل جديد واعد، وإن الرحلة تأتي في وقت حيوي بالنسبة للمنطقة وستعمل على تعزيز المصالح الأميركية المهمة

وشرح بايدن أنه يسعى إلى شرق أوسط أكثر أمناً وتكاملاً وأن تحقيق الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة يأتي بفوائد للأميركيين، وقال: الممرات المائية في الشرق الأوسط مهمة للتجارة العالمية وسلاسل التوريد تعتمد عليها، موارد المنطقة من الطاقة حيوية للتخفيف من التأثير على الإمدادات العالمية للحرب الروسية في أوكرانيا

وأشار الرئيس الأميركي إلى أنه يسعى إلى وحدة بين دول المنطقة من خلال الدبلوماسية والتعاون - بدلاً من التفكك - مشيراً إلى أن اندلاع صراعات سيؤدي إلى تطرف عنيف يهدد وطننا أو حروب جديدة يمكن أن تضع أعباءً جديدة على القوات العسكرية الأميركية وعائلاتهم

وقال بايدن في مقاله: تجنب هذا السيناريو له أهمية قصوى بالنسبة لي. سأواصل الدبلوماسية بشكل مكثف - بما في ذلك من خلال الاجتماعات وجهاً لوجه - لتحقيق أهدافنا.

وحاول بايدن التفاخر بأن منطقة الشرق الأوسط أكثر استقراراً وأماناً عما ورثه قبل 18 شهراً من الإدارة الأميركية السابقة، مشيراً إلى الهجمات التي شهدتها السفارة الأميركية في بغداد قبل شهر من تنصيب بايدن رئيساً للولايات المتحدة. وأشار دون أن يذكر ترمب بالاسم إلى أنه أمر بقاذفات B52 بالتحليق في المنطقة لردع هذه الهجمات وفشل واستمرت الهجمات.

وألقى بايدن الضوء على الحرب في اليمن، مشيراً إلى أنها خلقت واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، مع عدم وجود عملية سياسية في الأفق لإنهاء القتال. كما أشار إلى انسحاب إدارة ترمب من الاتفاق النووي الإيراني، وقال: «بعد أن تراجع سلفي عن اتفاق نووي كان ناجحاً، أصدرت إيران قانوناً يفرض التسريع السريع لبرنامجها النووي. بعد ذلك، عندما سعت الإدارة الأخيرة لإدانة إيران على هذا الإجراء في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وجدت الولايات المتحدة نفسها معزولة وحيدة».

وأضاف بايدن: «في الأسابيع الأولى لي رئيساً، حذر خبراء المخابرات والجيش لدينا من أن المنطقة تتعرض لضغوط خطيرة، ما تطلب دبلوماسية عاجلة ومكثفة، ولاستعادة الردع، أمرت بشن غارات جوية رداً على الهجمات ضد قواتنا وبدأت تواصلاً دبلوماسياً جاداً لتحقيق منطقة أكثر استقراراً.

وعدد الرئيس الأميركي ما عده نجاحاً لإدارته في التعامل مع ملفات العراق واليمن وإيران، وقال: «في العراق، أنهينا المهمة القتالية الأميركية ونقلنا وجودنا العسكري للتركيز على تدريب العراقيين، مع الحفاظ على التحالف العالمي ضد تنظيم (داعش) الذي شكلناه عندما كنت نائباً للرئيس، وهو الآن مكرس لمنع داعش من الظهور مرة أخرى. لقد استجبنا أيضاً للتهديدات ضد الأميركيين. انخفض معدل الهجمات التي ترعاها إيران مقارنة بما كان عليه قبل عامين بشكل حاد

وتفاخر بايدن بأنه قام بتعيين مبعوث خاص إلى اليمن هو تيموثي ليندركينغ، مشيراً إلى أنه تواصل مع قادة المنطقة ووضع أساساً للهدنة، وأمكن إيصال المساعدات الإنسانية، ولذا كانت الأشهر الماضية في اليمن الأكثر سلاماً منذ سبع سنوات.

وفيما يتعلق بإيران، قال بايدن: «اجتمعنا مرة أخرى مع الحلفاء والشركاء في أوروبا وحول العالم. الآن إيران معزولة حتى تعود إلى الاتفاق النووي الذي تخلى عنه سلفي ولا خطة لما قد يحل محله. في الشهر الماضي، انضمت إلينا أكثر من 30 دولة لإدانة عدم تعاون إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن أنشطتها النووية السابقة. وستواصل إدارتي زيادة الضغط الدبلوماسي والاقتصادي، حتى تصبح إيران مستعدة للعودة إلى الامتثال للاتفاق النووي لعام 2015».

وتفاخر بايدن بأن إدارته ساعدت في إنهاء الحرب في غزة في 11 يوماً فقط، مشيراً إلى أن تلك الحرب كان من الممكن أن تستمر شهوراً. وقال الرئيس الأميركي: «لقد عملنا مع إسرائيل ومصر وقطر والأردن للحفاظ على السلام دون السماح للإرهابيين بإعادة التسلح. كما أعدنا بناء العلاقات الأميركية مع الفلسطينيين. من خلال العمل مع الكونغرس، استعادت إدارتي ما يقرب من 500 مليون دولار لدعم الفلسطينيين، مع تمرير أكبر حزمة دعم لإسرائيل في التاريخ - أكثر من 4 مليارات دولار.

وفيما يتعلق بزيارته للمملكة العربية السعودية، حاول بايدن تأكيد أن هدفه في علاقته مع السعودية هو إعادة توجيه العلاقات - وليس قطعها، مشدداً على أن المملكة العربية السعودية كانت دوماً شريكاً استراتيجياً لمدة 80 عاماً، مثمناً دورها في كثير من القضايا الإقليمية، وقال: «لقد ساعدت المملكة العربية السعودية في استعادة الوحدة بين دول مجلس التعاون الخليجي الست، ودعمت الهدنة في اليمن بشكل كامل، وتعمل الآن مع الولايات المتحدة للمساعدة في استقرار أسواق النفط مع منتجي أوبك الآخرين».

وأوضح بايدن أن زيارته تستهدف أيضاً وضع بلاده في مكان أفضل للتغلب على الصين ومواجهة العدوان الروسي. وقال: «يتعين علينا التعامل مباشرة مع البلدان التي يمكن أن تؤثر في تلك النتائج. المملكة العربية السعودية واحدة من هذه الدول، وعندما ألتقي بالقادة السعوديين يوم الجمعة، سيكون هدفي هو تعزيز شراكة استراتيجية للمضي قدماً تستند إلى المصالح والمسؤوليات المشتركة، مع التمسك أيضاً بالقيم الأميركية الأساسية.

واعترف بايدن بأن منطقة الشرق الأوسط لا تزال مليئة بالتحديات، موجهاً أصابع الاتهام إلى إيران وبرنامجها النووي ودعمها للجماعات التي تعمل بالوكالة، كما أشار إلى تحديات الحرب الأهلية السورية، وأزمات الأمن الغذائي التي تفاقمت بسبب الحرب الروسية ضد أوكرانيا، ونفوذ الجماعات الإرهابية التي لا تزال تعمل في عدد من البلدان، والجمود السياسي في العراق وليبيا ولبنان. وقال: «علينا معالجة كل هذه القضايا، عندما ألتقي بقادة من جميع أنحاء المنطقة، سأوضح مدى أهمية إحراز تقدم في هذه المجالات.

أهم الأخبار