قرار عاجل من النيابة العامة المصرية بشأن قاتل الطالبة «سلمى» بالزقازيق
أمر المستشار حمادة الصاوي النائب العام المصري بحبس المتهم إسلام محمد أربعة أيام احتياطيا على ذمة التحقيقات لاتهامه بقتل المجنى عليها سلمى بهجت عمدا مع سبق الإصرار والترصد.
وقد كشفت التحقيقات حتى تاريخه ارتكاب المتهم الجريمة بعد ملاحقته المجنى عليها لفترة هددها فيها وذويها بالإساءة لسمعتها وقتلها على إثر رفضهم خطبته لها، لسوء سلوكه وتعاطيه المواد المخدرة وشذوذ أفكاره ومعتقداته.
وإلحاقا ببياننا السابق فى الواقعة، فقد استكملت النيابة العامة إجراءات التحقيق فيها بالاستماع إلى أحد عشر شاهدا منهم خمسة رأوا المتهم حال ارتكابه الجريمة، هم حارسة العقار، وابنها، وأحد المقيمين فيه، وصاحب حانوت بقالة مجاور للعقار، وصبى يعمل لديه، حيث تواترت أقوالهم حول رؤيتهم المتهم وهو يطعن المجنى عليها بمدخل العقار بعدما سمعوا صوت صراخها، وأضاف صاحب الحانوت والعامل لديه أن المتهم كان يجول بمحيط العقار محل الواقعة قبل ارتكاب الجريمة بساعة، وكان يسأل عن مكان مكتب جريدة كائنة بالعقار هى التى كشفت التحقيقات عن سابق تلقى المجنى عليها تدريبا فيها.
بينما شهدت صديقة للمجنى عليها التى تعمل بالجريدة المذكورة أن الأخيرة انقطعت عن التدريب منذ سبعة أشهر لاستكمال دراستها، ثم قبل يوم الواقعة اتصلت الشاهدة بها للاطمئنان عليها، فعلمت بمرورها بضائقة نفسية، فألحت على لقائها بمقر الجريدة باليوم التالى، وفى ذات الليلة تواصل المتهم مع الشاهدة لسابق حصوله على رقم هاتفها، وسألها عن المجنى عليها لعدم تمكنه من الوصول إليها، فأخبرته بحضورها اليوم التالى للقائها بمقر الجريدة.
وقد شهد صاحب الجريدة المشار إليها بتلقيه رسالة من المتهم قبل يوم الواقعة طلب فيها الحضور لمقر الجريدة رغبة فى تلقيه تدريبا بها، فرحب بحضوره، ويوم الواقعة علم من صديقة المجنى عليها التى تعمل بذات الجريدة بارتكابه جريمة القتل بعدما سمع أصواتا بالعقار.
وشهد عامل بمعرض للأدوات المنزلية بجوار العقار محل الواقعة بحضور المتهم إليه يومها وشرائه منه سكينا تعرف عليه بعدما أطلعته النيابة العامة على صوره التى التقطها المتهم بهاتفه.
كما استمعت النيابة العامة لشهادة والدى المجنى عليها وخالها، فكان حاصل أقوالهم أن المتهم وابنتهم كانا زميلين بذات الجامعة، وسبق أن تقدم المذكور لخطبتها فرفض وقتها لحين استكمال الدراسة، ثم لاحظت المجنى عليها سوء سلوكه وتعاطيه المواد المخدرة، فقطعت تواصلها معه، مما دفعه إلى التعرض إليها وتهديدها بالإيذاء والقتل وتتبعها فى كل مكان، ويوم التاسع والعشرين من يونيو الماضى موعد الاختبار الأخير لها بالجامعة خشيت من تعرض المتهم لها وطلبت من والدها مرافقتها، ويومئذ فوجئت ووالدها بالمتهم ووالديه أمام الجامعة طالبين خطبتها فرفض والدها وغادرا، ثم تلقى الأب تهديدات من المتهم بالنيل من سمعة ابنته إذا استمر رفضه، ولما حظر تواصله معه أرسل المتهم تهديدات إلى شقيق المجنى عليها وخالها.
وقد أضاف خال المجنى عليها فى شهادته أن رفض ذوى المجنى عليها خطبة المتهم كان لميله إلى الإلحاد وشذوذ أفكاره، وقد تأكدت النيابة العامة من عدم سابقة إبلاغ ذوى المجنى عليها عن أي من التهديدات التى تلقوها من المتهم.
وباستجواب النيابة العامة المتهم إسلام محمد أقر بارتكابه جريمة قتل المجنى عليها عمدا مع سبق الإصرار والترصد، وأوضح أنه بعد رفض ذويها خطبتها إليه استمر تواصلهما ثم اختلفا لمحاولاته منعها من العمل أو لقاء صديقاتها بدعوى حرصه عليها، وانقطعت عن تواصلها معه بعدما اتهمته بالكفر والإلحاد لما رسمه على جسده من وشوم قرر أن قصده منها لفت الانتباه إليه.
وأضاف أنه هدد المجنى عليها بعد انقطاعها عنه بالإساءة إلى سمعتها وقتلها، حيث إنه فى يوم التاسع والعشرين من شهر يونيو الماضى عزم على قتلها فى الجامعة بمطواة كانت معه، ولما فشل استدعى والديه للحضور ليطلبا من والدها خطبتها بعدما علم بتواجده يومئذ بالجامعة، موضحا أن والد المجنى عليها رفض خطبتهما آنذاك حتى يزيل ما على جسده من وشوم ويستكمل دراسته.
ومنذ ذلك التوقيت انقطع تواصله بالمجنى عليها، وحاول الاتصال بخالها وشقيقها لحظر الآخرين اتصالاتهم به، حتى وصل إلى صديقتها التى تعمل بالجريدة والتى سبق أن حصل على هاتفها من المجنى عليها، فعلم منها بلقائهما بمقر الجريدة يوم الواقعة، فعزم لذلك على ارتكاب جريمته فى هذا التوقيت، حيث اشترى سكينا وقبع متربصا للمجنى عليها بالعقار، حتى ما إن وصلته ودلفت إلى مدخله باغتها وطعنها عدة طعنات، وأغلق باب العقار عليه بعدما دفع الأهالى عنه مهددا إياهم بالإيذاء، وفى تلك اللحظات صور المجنى عليها وهى صريعة واتصل بوالدته ليخبرها بارتكابه الجريمة، فكان هذا المشهد الذى صورته الأهالى للمتهم، وتم تداوله بمواقع التواصل الاجتماعى، وقد أكد المتهم تعاطيه الحشيش المخدر والخمور منذ شهور.
هذا، وقد تمكنت النيابة العامة من التحفظ على عدة أدلة رقمية على هاتف المتهم تؤكد تخطيطه لارتكابه الجريمة وتنفيذها -والتى واجهت المتهم بها وأقر بصحتها- ومنها التهديدات المشار إليها بأقوال ذوى المجنى عليها، والمقاطع المرئية المتداولة بمواقع التواصل الاجتماعى، كما تحفظت النيابة العامة على هاتف صديقة المجنى عليها وصاحب الجريدة التى كانت تتدرب فيها لفحصهما.
هذا، وقد أودعت مصلحة الطب الشرعى تقريرها بنتيجة توقيع الصفة التشريحية على جثمان المجنى عليها، والذى انتهى إلى جواز حدوث الوفاة من مثل التصوير الذى انتهت إليه تحقيقات النيابة العامة.
وتحذر النيابة العامة من هذا التهافت واللهث الإعلامى غير المبرر خوضا فى تفصيلات الواقعة وتحليلها وتحليل شخصية المجنى عليها والمتهم، وبواعث ارتكابه الجريمة، دون سند لديهم أو حق لهم يبيح ذلك، الأمر الذى يصدر صورة غير حقيقية عن اختلال التوازن الاجتماعى باضطراب العلاقات بين الشباب والفتيات وإتيانهم سلوكيات غريبة على هذا المجتمع وقيمه ومبادئه، وتفشى ظاهرة العنف ضد المرأة على وجه التحديد، وهو ما ليس حاصلا بهذه الصورة التى يسعى البعض إلى تصديرها بخسة مستغلا هذه الوقائع واهتمام المجتمع بمتابعة تفاصيلها وكأنها معبرة عن حال المجتمع بأسره، فليس المتهمون فى تلك الجرائم معبرين عن طائفة الشباب كلهم، وليست كافة العلاقات بينهم والفتيات يشوبها مثل هذا الاضطراب، أو يكون منتهاها ارتكاب مثل تلك الجرائم، فاحذروا من هذا التهافت الذى لا يبرره حق المجتمع فى المعرفة والإحاطة، فهذا الحق تحرص النيابة العامة على استيفائه بشفافية وعلانية نسبية مرهونة بسلطتها التقديرية بما لا يمس بسلامة التحقيقات.
كما تحذر النيابة العامة -كما شددت مرارا وتكرارا- على حظر تداول أى مواد متعلقة بالجرائم الجنائية بمواقع التواصل الاجتماعى ووسائل الإعلام والصحافة المختلفة، إلا ما تفصح عنه فى بياناتها الرسمية، حفاظا على سلامة الأدلة وحسن سير التحقيقات، وصونا لحقوق المجنى عليهم والمتهمين، وليس بدافع منها للاستئثار بالمعلومة أو الافتئات على حق المعرفة العامة أو تحقيق سبق فى هذا المجال الذى تنأى النيابة العامة أن تكون منافسة فيه، فهى وحدها دون غيرها بموجب الدستور والقانون صاحبة الدعوى العمومية، ولها فى حق الحفاظ عليها اتخاذ ما تراه من إجراءات صارمة للتصدى لكل ما يمس بهذه الدعوى بأى صورة من الصور.
وأخيرا -وإيمانا من النيابة العامة بتماسك وتساند مؤسسات الدولة فيما بينها رعاية لمصالح هذا المجتمع وحفظ أمنه القومى الاجتماعى- فإنها تهيب وتناشد كافة المؤسسات المعنية بالصحافة والإعلام إلى اتخاذها جنبا إلى جنب النيابة العامة كافة الإجراءات اللازمة لتحجيم هذا اللهث الإعلامى غير المبرر الذى أصبح ناقوس خطر ينذر بعواقب الأمور إذا لم يتحجم.. حفظ الله الوطن