انخفاض منسوب نهر الراين يهدد بكوارث عديدة للاقتصاد الألماني
تتزايد المخاوف في ألمانيا من احتمالية تأثر الاقتصاد الوطني بشكل حاد بسبب انخفاض منسوب مياه نهر الراين، لاسيما بعدما تسبب الأمر في مشاكل عديدة للصناعة الألمانية، وذلك خلال موسم صيفي شديد الحرارة أعقب ربيعًا وشتاءً جافين بشكل غير عادي، هذا ما رصدنه صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية في عددها الصادر اليوم الجمعة.
وقالت الصحيفة (في مستهل تقرير نشرته عبر موقعها الرسمي في هذا الشأن) إن منسوب المياه انخفض، عند نقطة القياس بمدينة كوب، الواقعة على بعد 40 ميلًا غرب فرانكفورت، إلى 47 سم هذا الأسبوع، وهو أقل بكثير من 80 سم المطلوبة من أجل إبحار المراكب المحملة بالكامل بأمان.
ونتيجة لذلك، أفادت الصحيفة: أن سفن الحاويات حملت جزءًا بسيطًا من حمولتها المعتادة لتقليل غوصها، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف النقل وتأخيرات شديدة في عمليات التسليم، وذلك في الوقت الذي تعالج فيه ألمانيا معدلات التضخم المتصاعد وأزمات في سلسلة التوريد.
وقال محللون للصحيفة إن مستويات المياه يمكن أن يكون لها تأثير أكبر مما كانت عليه خلال فترة الجفاف الأخيرة التي تعرضت لها ألمانيا في 2018، عندما توقفت حركة شحن البضائع، مما أدى إلى اختناق في صناعة إنتاج الكيماويات والصلب ومن ثم تكبد المليارات من الخسائر في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
وقال مارك شاتنبرج، الخبير الاقتصادي في دويتشه بنك:" قبل أربع سنوات، تعطل الشحن لمدة سبعة أسابيع تقريبًا من منتصف أكتوبر، ولكن هذه المرة يمكن أن تستمر المشاكل لفترة أطول حيث بدأت الأزمة في منتصف الصيف"، مشيرًا إلى أن "الخلفية والظروف الاقتصادية في الوقت الراهن باتت أسوأ بكثير".
وأعلنت شركة كونتارجو، التي تنقل بضائعها عبر نهر الراين، أنها فرضت رسومًا إضافية بقيمة 775 يورو لكل حاوية بسعة 40 قدمًا يتم شحنها، وهو ما يقرب من ثلاثة أضعاف التكاليف العادية.
وقال المدير الإداري للشركة مارسيل هولسكر:" من الصعب جدًا أن تقنع شخصا يحجز حاوية من هونج كونج إلى فرانكفورت بسبب أن هناك مياهًا منخفضة على نهر الراين".
وأضاف هولسكر أنه بالإضافة إلى عدم هطول الأمطار، فإن "الاختناقات الحالية لها علاقة مباشرة بالأزمة في أوكرانيا، حيث يتم إعادة نشر القوارب لنقل الحبوب عبر نهر الدانوب وسط الحصار الذي كان مفروضًا على موانئ البحر الأسود قبل أن يتم رفعه مؤقتًا. وتم دفع مبالغ باهظة لسفن أخرى لنقل الفحم، حيث سارعت ألمانيا لخفض اعتمادها على الطاقة الروسية من خلال زيادة القدرة في محطات الطاقة التي تعمل بالفحم.
وتابع هولسكر بأن شركته تدفع عادة ما يصل إلى 3500 يورو مقابل بارجة بها حاويات، فيما يدفع آخرون الآن ما يصل إلى 10 آلاف يورو لنقل الفحم، مع ذلك أكد أن ألمانيا لم يكن أمامها خيار سوى استيراد الفحم عبر نهر الراين، وهو الاعتماد الذي حذر شاتنبرج من دويتشه بنك بأنه "يمكن أن يصبح كارثة" لأكبر اقتصاد في أوروبا.
في الوقت نفسه، أصر كلاوس مولر، وهو رئيس الهيئة الحكومية التي تشرف على الإمدادات على أن محطات الفحم في ألمانيا لديها مخزون كافٍ - في الوقت الحالي.. وأكد أن “ المشاكل الحالية على نهر الراين مؤقتة وأنها ستحل نفسها كلما اقتربنا من فصل الشتاء