مراحل تأسيسها وحكامها.. العيد الوطني للمملكة العربية السعودية
تختلف المملكة العربية السعودية عن غيرها من دول العالم في الأحتفال بعيدها الوطني فهذا العيد لا يعني يوم استقلالها عن مستعمر أجنبي، ولكن اليوم الوطني هو يوم تأسيسها كدولة معاصرة في القرن العشرين، والذي سُجل في الثالث والعشرين من شهر سبتمبر من كل عام.
أجواء الاحتفال بالمملكة
في نفس الموعد من كل عام يستذكر السعوديون ظروف توحيد أراضي نجد والحجاز تحت اسم (المملكة العربية السعودية)، حيث تتزين الشوارع وشرفات المنازل وواجهات المحال بالأعلام الوطنية، كما يطلقون الألعاب النارية، وتقوم الكشّافة بالاحتفال بهذا اليوم في مدينة نجران بإشراف ممثلين عن الملك، ويقدمون العديد من الأنشطة الثقافية والاجتماعية.
وتنتشر العديد من الأنشطة والفعاليات الترفيهية والاجتماعية والثقافية في هذا اليوم. بالإضافة إلى عروض الألعاب النارية، التي يظهر فيها أبناء الشعب السعودي الفخر بجنسيتهم، فتتطاير أعلام السعودية بفخر على الطرقات وفوق المباني للتعبير عن الحب والولاء للوطن، كما يتمّ تنظيم عروض فلكلورية وأنشطة ترفيهية ورياضية من قبل الوكالات العامة والخاصة المنظمة للاحتفالات، بالإضافة إلى الأمسيات الشعرية الخاصة بالوطن جنباً إلى جنب مع عروض الرقص التقليدية.
وكذلك تعرض في هذا اليوم من كل عام، حسومات في الفنادق والشقق المفروشة للاحتفال نظراً لتدفق المشاركين والزوار من جميع أنحاء العالم، فتقدم أسعار جذابة للسياح الذين يبقون في مرافقها خلال الاحتفال.
ألوان العلم الوطني السعودي رموزه ودلالات
علم المملكة العربية السعودية عبارة عن مستطيل أرضيته خضراء، تتوسط العلم شهادة التوحيد الإسلامية (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، تحتها سيف عربي أبيض، حيث اعتمد هذا العلم في الخامس عشر من شهر آذار/مارس من عام 1973.
لكل لون من ألوان العلم الوطني السعودي رموزه ودلالاته، حيث يرمز اللون الأخضر للإسلام، كما يرمز اللون الأبيض للسلام، وترمز عبارة التوحيد لدين المملكة وهو الإسلام، في حين يرمز السيف العربي للملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، كما يتميز العلم السعودي بأنه لا ينكس أبداً مهما كانت الظروف، حيث يبقى مرفوعاً، احتراماً لشهادة التوحيد المكتوبة عليه، وتطبيقاً للمادة الثالثة من القانون السعودي التي تقول: "يكون علم الدولة لونه أخضر، عرضه يساوي ثلثي طوله، تتوسطه كلمة (لا إله إلا الله محمد رسول الله) تحتها سيف مسلول، ولا ينكس العلم أبداً".
مراحل تأسيس المملكة العربية السعودية
حاولت عائلة آل سعود تأسيس الدولة السعودية في حقب مختلفة من التاريخ، قبل أن تنجح في النهاية بالسيطرة على شبه الجزيرة العربية، وهذه المحاولات هي:
الدولة السعودية الأولى
أسسها محمد بن سعود عام 1744، بالتعاون مع محمد بن عبد الوهاب، سيطرت على مناطق عديدة في شبه الجزيرة العربية، اتخذت الدرعية عاصمة لها، وبعد وفاته استلم ابنه عبد لعزيز قيادة الجيش، وضم الرياض إلى دولته، كما سيطر على الإحساء والبريمي، ووصل إلى كربلاء، إضافةً لسيطرته على ولايات الساحل المهادن (الإمارات العربية المتحدة حالياً)، وفي عام 1801 سيطر عبد العزيز على الطائف ومكة وجدة قبل اغتياله عام 1803.
استمر ابنه سعود في السير على نهج والده وجده، فسيطر على المدينة المنورة في عام 1818، لكن والي مصر محمد علي باشا تمكن من إخراج قوات سعود من المدينة المنورة ومكة في نفس العام، قبل أن يرسل جيشاً بزعامة إبراهيم بن محمد علي باشا من القضاء على هذه الدولة عام 1818، واعتقال محمد بن سعود وإرساله إلى الأستانة (اسطنبول حالياً) ليتم إعدامه بعدها.
الدولة السعودية الثانية
أسسها تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود بعد خروج الجيش العثماني من شبه الجزيرة العربية في عام 1818، حيث سيطر على الرياض وجعلها عاصمةً له، ثم سيطر على الإحساء والقطيف، ورأس الخيمة، والبحرين، وبعد اغتيال تركي بن عبد الله في عام 1834، استلم السلطة ابنه فيصل، الذي نفي إلى مصر بعد أن تمكنت القوات المصرية من هزيمته بمساعدة خالد بن سعود، لكنه هرب وعاد ليستلم السلطة، وبعد مرضه عام 1838 استلم ابنه عبد الله السلطة، لكن ابنه الآخر سعود رفض تعيين أخيه وخاض ضده حرباً استمرت سنوات، تمكن على إثرها سعود من هزيمة أخيه لكن أهالي الرياض ثاروا عليه، فعاد عبد الله ليستلم السلطة، لكن الحرب لم تنتهِ بين الشقيقين، حيث نجح سعود في السيطرة على الرياض للمرة الثانية، وبعد وفاته استلم ابنه عبد الرحمن السلطة عام 1875، لكن عمه عبد الله عاد إلى الرياض وانتزع السلطة من ابن أخيه، ونجحت عائلة الرشيد في استغلال الخلافات داخل الأسرة الحاكمة وقضت على الدولة السعودية الثانية في عام 1891.
الدولة السعودية الثالثة
أسسها عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود في الخامس عشر من شهر كانون الثاني/ يناير من عام 1902، تحت اسم (إمارة الرياض)، ثم سيطر على حائل في عام 1904، حظي عبد العزيز بدعم البدو عام 1912، واستمر في التوسع في شبه الجزيرة العربية حيث استولى على الأحساء عام 1913، وفي أيار/ مايو عام 1914 عينه العثمانيون والياً على نجد، وفي العام التالي أي 1915 وقع مع بريطانيا معاهدة تقوم بموجبها بريطانيا بحماية إمارة الرياض، مقابل تشاور الأمير عبد العزيز وبريطانيا في السياستين الداخلية والخارجية، حيث تمكن عبد العزيز من السيطرة على كامل أراضي نجد بعد انتصاره على عائلة آل رشيد في حائل عام 1921، فتحوّلت إمارة الرياض إلى (سلطنة نجد).
استفاد عبد العزيز من انهيار الدولة العثمانية وتمكن من التوسع باتجاه الأماكن المقدسة (مكة المكرمة والمدينة المنورة) بعد تغلبه على الشريف حسين خلال حربه معه التي استمرت بين عامي 1924-1927، وبذلك تحوّلت سلطنة نجد إلى (مملكة الحجاز) عام 1927، تأسست المملكة العربية السعودية رسمياً في الثاني والعشرين من شهر أيلول/سبتمبر، بعد دمج مناطق نجد والحجاز في دولة واحدة، ليتم الاحتفال في اليوم التالي أي في الثالث والعشرين من شهر أيلول/ سبتمبر، كـ (يوم وطني) للمملكة من كل عام، حيث أصدر الملك عبد العزيز مرسوماً ملكياً حمل الرقم 2716، يقضي اسم الدولة من (مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها) إلى المملكة العربية السعودية.
نفط المملكة والقانون الأساسي فيها
اكتشف النفط في المملكة العربية السعودية في شهر آذار/مارس عام 1938، فأصبح النفط المورد الأساسي للخزينة السعودية، وتحالفت مع الولايات المتحدة الأمريكية التي ستحصل على النفط مقابل التزامها حماية السعودية عسكرياً وذلك بموجب معاهدة كوينسي الموقعة بين الدولتين في عام 1945.
منذ تأسيسها في عام 1932، لا يوجد دستور للمملكة العربية السعودية، فهي تعتبر القرآن دستورها الوحيد، فيما صدر قانون وحيد باسم "القانون الأساسي للحكومة" اعتمد عام 1992، حيث حدد القانون الصلاحيات والقوانين الأساسية للحكم في المملكة.
حكام السعودية منذ التأسيس إلى عام 2020
توالى على حكم المملكة العربية السعودية عدداً من الملوك، وهم:
الملك عبد العزيز آل سعود، حكم المملكة العربية السعودية بعد تأسيسها في الثالث والعشرين من شهر أيلول/سبتمبر عام 1932، استمر في السلطة حتى وفاته في عام 1953، تميز عهده بتوقيع معاهدة كوينسي مع الولايات المتحدة الأمريكية عام 1945، والتي بموجبها تحصل الولايات المتحدة الأمريكية على النفط مقابل حماية السعودية عسكرياً.
الملك سعود بن عبد العزيز، حكم المملكة العربية السعودية بعد وفاة والده عام 1953، واستمر في الحكم حتى عام 1965، حيث عزل من منصبه بسبب مرضه، وتميزت فترة حكمه بالتركيز على التعليم وإقامة وزارة للمعارف، كما اهتم بالإعلام وأنشأ وزارة له وأسس التلفزيون السعودي.
الملك فيصل بن عبد العزيز، حكم المملكة العربية السعودية بعد عزل أخيه عام 1965، واستمر في الحكم حتى اغتياله في عام 1975، حيث ما تزال قضية اغتياله مثار جدل، وتميزت فترة حكمه بالتركيز على التعليم العالي وأسس الجامعة في السعودية التي ضمت عدة كليات كانت متفرقة في عهد أخيه، كما هدّد بتخفيض إنتاج النفط كوسيلة ضغط على الدول الداعمة لإسرائيل خلال حرب تشرين التحريرية عام 1973.
الملك خالد بن عبد العزيز، حكم المملكة بعد اغتيال أخيه عام 1975، واستمر في الحكم حتى وفاته عام 1982، تميزت فترة حكمه بالازدهار الاقتصادي، كما أسس جامعة الملك فيصل في الدمام، وجمعة أم القرى في مكة، كما كان أحد مؤسسي مجلس التعاون الخليجي عام 1981، والذي ضم: المملكة العربية السعودية، قطر، سلطنة عُمان، الكويت، البحرين، والإمارات العربية المتحدة.
الملك فهد بن عبد العزيز، حكم بعد وفاة أخيه عام 1982، واستمر في السلطة حتى وفاته عام 2005، تميزت فترة حكمه باعتماد لقب (خادم الحرمين الشريفين)، بعد توسيعه للمسجد الحرام ومسجد المدينة المنورة، إلى جانب لقبه كملك، كما تبنت في عهده جامعة الدول العربية مبادرة السلام مع إسرائيل التي عُرفت بـ (المبادرة العربية) لحل الصراع العربي الإسرائيلي عام 2002.
الملك عبد الله بن عبد العزيز، حكم بعد وفاة أخيه عام 2005، محتفظاً بلقب (خادم الحرمين الشريفين)، واستمر في السلطة حتى وفاته عام 2015، تميزت فترة حكمه بتوسيع جديد للمسجد الحرام ومسجد المدينة المنورة، وعلى الصعيد الخارجي اتهم وحمّل حزب الله مسؤولية العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006، ودعم ثورات الربيع العربي، كما رفضت السعودية عضوية مجلس الأمن غير الدائمة عام 2013، بسبب عجز الأمم المتحدة عن حل القضية الفلسطينية والأزمة السورية.
الملك سلمان بن عبد العزيز، حكم بعد وفاة أخيه في عام 2015، وما يزال في الحكم حتى اليوم في عام 2020، تميزت فترة حكمه بتزعم بلاده تحالفاً من ثلاثين دولة لمواجهة تمرد الحوثيين في اليمن وإعادة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى السلطة، وما تزال الحرب مستمرة، إضافةً لقيام ابنه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بإطلاق رؤية لعام 2030 هدفها تنويع موارد المملكة العربية السعودية، بحيث تضم صناعات وقطاعات أخرى إلى جانب النفط المصدر الأساسي للمملكة.